تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

{ 11-12 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }

أي : قال الكفار بالحق معاندين له ورادين لدعوته : { لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } أي : ما سبقنا إليه المؤمنون أي : لكنا أول مبادر به وسابق إليه وهذا من البهرجة في مكان ، فأي دليل يدل على أن علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين ؟ هل هم أزكى نفوسا ؟ أم أكمل عقولا ؟ أم الهدى بأيديهم ؟ ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم يعزون به أنفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ثم طفق يذمه ولهذا قال : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } أي : هذا السبب الذي دعاهم إليه أنهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن وفاتهم أعظم المواهب وأجل الرغائب قدحوا فيه بأنه كذب وهو الحق الذي لا شك فيه ولا امتراء يعتريه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

وقوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } أي : قالوا عن المؤمنين بالقرآن : لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه{[26394]} . يعنون بلالا وعمارا وصُهَيبا وخبابا وأشباههم وأقرانهم{[26395]} من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطئوا خطأ بينا ، كما قال تعالى : { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا } [ الأنعام : 53 ] أي : يتعجبون : كيف اهتدى هؤلاء دوننا ؛ ولهذا قالوا : { لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } وأما أهل السنة{[26396]} والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها {[26397]} .

وقوله : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ } أي : بالقرآن { فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ } أي : كذب { قَدِيمٌ } أي : مأثور عن الأقدمين ، فينتقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بطر{[26398]} الحق ، وغَمْط الناس " {[26399]} .


[26394]:- (3) في ت: "ما سبقونا إليه هؤلاء".
[26395]:- (4) في أ: "وأضرابهم".
[26396]:- (5) في م، ت، أ: "يعني المؤمنين، وأما أهل السنة".
[26397]:- (1) في ت، م: "إليه".
[26398]:- (2) في أ: "الكبر بطر".
[26399]:- (3) رواه مسلم في صحيحه برقم (91) من حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

وقوله تعالى : { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه } قال قتادة : هي مقالة قريش ، يريدون عماراً وصهيباً وبلالاً ونحوهم ممن أسلم وآمن بالنبي عليه السلام . وقال الزجاج والكلبي وغيره : هي مقالة كنانة وعامر وسائر قبائل العرب المجاورة ، قالت ذلك حين أسلمت غفار ومزينة وجهينة . وقال الثعلبي : هي مقالة اليهود حين أسلم ابن سلام وغيره منهم . والإفك : الكذب ، ووصفوه بالقدم ، بمعنى أنه في أمور متقادمة ، وهذا كما تقول لرجل حدثك عن أخبار كسرى وقيصر ، هذا حديث قديم ، ويحتمل أن يريدوا أنه إفك قيل قديماً .