فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

ثم ذكر سبحانه نوعاً آخر من أقاويلهم الباطلة فقال : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } أي لأجلهم ، ويجوز أن تكون هذه اللام هي لام التبليغ { لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } أي لو كان ما جاء به محمد من القرآن والنبوّة خيراً ما سبقونا إليه ؛ لأنهم عند أنفسهم المستحقون للسبق إلى كل مكرمة ، ولم يعلموا أن الله سبحانه يختصّ برحمته من يشاء ، ويعزّ من يشاء ، ويذلّ من يشاء ، ويصطفي لدينه من يشاء { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } أي بالقرآن ، وقيل : بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : بالإيمان { فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ } ، فجاوزوا نفي خيرية القرآن إلى دعوى أنه كذب قديم ، كما قالوا أساطير الأوّلين ، والعامل في «إذ » مقدّر : أي ظهر عنادهم ، ولا يجوز أن يعمل فيه { فَسَيَقُولُونَ } لتضادّ الزمانين أعني : المضيّ والاستقبال ولأجل الفاء أيضاً ، وقيل : إن العامل فيه فعل مقدّر من جنس المذكور : أي لم يهتدوا به ، وإذ لم يهتدوا به فسيقولون : { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى } .

/خ16