اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

قوله تعالى : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ . . . } في سبب نزول وجوه :

الأول : أن كفار مكة قالوا : إِن عَامَّةَ من يتبع محمداً الفقراءُ والأرذالُ مثلُ عمَّار ، وصُهَيْب ، وابْن مَسْعُودٍ ولو كان هذا الدين خيراً ما سبقونا إليه هؤلاء{[50860]} .

والثاني : قيل : لما أسلمت جُهَيْنَةُ ومُزَيْنَة ، وأسْلَم ، وغِفار ، قالت بنو عامر وعطفان وأسد وأشجع : لو كان هذا خيراً ما سبقنا إليه رعاة البَهْمِ{[50861]} .

الثالث : قيل : إنَّ أَمَةً لعمرَ أسلمت وكان عمر يضربها ويقول : لولا أنّي فترت لزِدْتُكِ ضَرْباً فكان كفار قريش يقولون : لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه{[50862]} .

الرابع : قيل : كان اليهود يقولون هذا الكلام حين أسلم عبد الله بن سلام{[50863]} وأصحابه .

قوله : «لِلَّذِينَ آمَنُوا » يجوز أن تكون لام الصلة ، أي لأجلهم ، يعني أن الكفار قالوا : لأجل إيمان الذين آمنوا{[50864]} ، وأن تكون للتبليغ ولو جروا على مقتضى الخطاب لقالوا : ما سبقتمونا ولكنهم التفتوا فقالوا ما سبقونا{[50865]} . والضمير في «كان » و«إليه » عائدان على القرآن ، أو ما جاء به الرسول أو الرسول .

قوله : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } العامل في «إذْ » مقدر أي ظهر عنادُهُمْ{[50866]} ، وتسبب عنه ( قوله{[50867]} ) «فَسَيَقُولُونَ » ولا يعمل في «إذْ » فَسَيَقُولُونَ ، لتضاد الزمانين ، أعني المُضِيَّ والاسْتِقْبَالَ ولأجل الفاء أيضاً{[50868]} .

فصل

المعنى وإذ لم يهتدوا بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان فسيقولون هذا إفك قديم كما قالوا : أسَاطِيرُ الأَوَّلين{[50869]} .


[50860]:نقله صاحب الكشاف 3/519.
[50861]:حكي عن الكلبي والزجاج وحكاه القشيري عن ابن عباس انظر القرطبي 16/190.
[50862]:نقله الزمخشري في كشافه السابق.
[50863]:وهو قول أكثر المفسرين فيما نقله القرطبي في مرجعه السابق.
[50864]:قاله الزمخشري في الكشاف 3/519.
[50865]:الرازي 28/11.
[50866]:التبيان 1154.
[50867]:زيادة من ب وانظر الرازي 28/11.
[50868]:فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها وهو قول أبي حيان في البحر المحيط 8/59 بالمعنى.
[50869]:الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي 16/190.