التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

{ وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه } أي : لو كان الإسلام خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء ، والقائلون لهذه المقالة ، هم أكابر قريش لما أسلم الضعفاء كبلال وعمار وصهيب وقيل : بل قالها كنانة وقبائل من العرب لما أسلمت غفار ومزينة وجهينة ، وقيل : بل قالها اليهود لما أسلم عبد الله بن سلام ، والأول أرجح لأن الآية مكية وكانت مقالة قريش بمكة وأما مقالة الآخرين فإنما كانت بعد الهجرة ومعنى { الذين آمنوا } من أجل الذين آمنوا أي : قالوا ذلك عنهم في غيبتهم وليس المعنى أنهم خاطبوهم بهذا الكلام لأنه لو كان خطابا لقالوا ما سبقتمونا .

{ وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } أي : لما لم يهتدوا قالوا هذا إفك قديم ونحو هذا ما جاء في المثل من جهل شيئا عاداه ، ووصفه بالقدم لأنه قد قيل : قديما ، فإن قيل : كيف تعمل فسيقولون في إذ وهي للماضي والعامل مستقبل ؟ فالجواب : أن العامل في إذ محذوف تقديره إذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم فسيقولون ، قال ذلك الزمخشري ، ويظهر لي أن هذا بمعنى التعليل لا ظرفية بمعنى الماضي فلا يلزم السؤال ، والمعنى أنهم قالوا هذا إفك بسبب أنهم لم يهتدوا به ، وقد جاءت إذ بمعنى التعليل في القرآن وفي كلام العرب ومنه { ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم } [ الزخرف : 39 ] أي : بسبب ظلمكم .