محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

[ 11 ] { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم 11 } .

{ وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان } أي : الإيمان ، أو ما أتى به الرسول { خيرا ما سبقونا إليه } أي : لو كان من عند الله لكنا أولى به ، كسائر الخيرات من المال والجاه .

قال ابن كثير : يعنون بلالا وعمارا وصهيبا وخبابا رضي الله عنهم ، وأشباههم وأضرابهم من المستضعفين والعبيد والإماء . وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة ، وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطأوا خطأ بيّنا ، كما قال تعالى :{[6559]} { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا } أي : يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ، ولهذا قالوا :{[6560]} { لو كان خيرا ما سبقونا إليه } وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم : هو بدعة . لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها . انتهى . { وإذ لم يهتدوا به } أي : بالقرآن { فسيقولون هذا إفك قديم } أي : كذب قديم ، كما قالوا { أساطير الأولين } . قال ابن كثير : فيتنقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال{[6561]} رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بطر الحق وغمط الناس ) .


[6559]:[6/الأنعام/ 53].
[6560]:[46/الأحقاف/ 11].
[6561]:أخرجه الترمذي في: 25 – كتاب البرّ والصلة، 61 – باب ما جاء في الكبر ونصه: عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. ولا يدخل النار(يعني من في قلبه مثقال ذرة من إيمان(. قال، فقال له رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنة. قال: إن الله يحب الجمال. ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس.