النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

قوله عز وجل : { وَقَالَ الِّذِينَ كَفَرُوا لِلِّذِينَ ءَامَنُوا لَوْ كَانَ خَيراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } وفي سبب نزول هذه الآية أربعة أقاويل :

أحدها : أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بمكة فأجاب واستجاب{[2612]} به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم ، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا فبلغ ذلك قريشاً فقالوا : غفار الخلفاء لو كان خيراً ما سبقونا إليه . فنزلت ، قاله أبو المتوكل .

الثاني : أن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها ، فقالوا لها : أصابك اللات والعزى ، فرد الله عليها بصرها ، فقال عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة فنزلت ، قاله عروة بن الزبير .

الثالث : أن الذين كفروا هم عامر وغطفان وأسد وحنظلة ، قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وغطفان وجهينة ومزينة وأشجع : لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه رعاة البهم . فنزلت ، قاله الكلبي .

الرابع : أن الكفار قالوا : لو كان خيراً ما سبقتنا إليه اليهود فنزلت هذه الآية ، قاله مسروق .

وهذه المعارضة من الكفار في قولهم لو كان خيراً ما سبقونا إليه من أقبح المعارضات لانقلابها عليهم لكل من خالفهم حتى يقال لهم : لو كان ما أنتم عليه خيراً ما عدلنا عنه ، ولو كان تكذيبكم للرسول خيراً ما سبقتمونا إليه .

{ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ } يعني إلى الإيمان . وفيه وجهان :

أحدهما : وإذا{[2613]} لم يهتدوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مقاتل .

الثاني : بالقرآن .

{ فَسَيَقُولُونَ هَذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } يحتمل وجهين :

أحدهما : فسيقولون هذا القرآن كذب قديم تشبيهاً بالتوراة القديمة تكذيبا بهما جميعا .

الثاني : فسيقولون هذا الدين كذب قديم تشبيها بدين موسى القديم ، تكذيباً بهما جيمعاً .


[2612]:هكذا في نسخة ع "واستجاب به" وفي ك بياض، وفي تفسير القرطبي واستجار به، وهو الذي يتفق والسياق والحديث رواه البخاري في الفضائل 7/ 132 و 133، ومسلم في الفضائل أيضا رقم 2473.
[2613]:وإذ ساقطة من ك.