الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوۡ كَانَ خَيۡرٗا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ يَهۡتَدُواْ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفۡكٞ قَدِيمٞ} (11)

{ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } لأجلهم وهو كلام كفار مكة ، قالوا : عامّة من يتبع محمداً السقاط ، يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب وابن مسعود ، فلو كان ما جاء به خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء . وقيل : لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار : قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع : لو كان خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم . وقيل : إن أمة لعمر أسلمت ، فكان عمر يضربها حتى يفتر ثم يقول لولا أني فترت لزدتك ضرباً ، وكان كفار قريش يقولون : لو كان ما يدعو إليه محمد حقاً ما سبقتنا إليه فلانة . وقيل : كان اليهود يقولونه عند إسلام عبد الله بن سلام وأصحابه .

فإن قلت : لا بدّ من عامل في الظرف في قوله : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ } ومن متعلق لقوله : { فَسَيَقُولُونَ } وغير مستقيم أن يكون { فَسَيَقُولُونَ } هو العامل في الظرف ، لتدافع دلالتي المضي والاستقبال ، فما وجه هذا الكلام ؟ قلت : العامل في إذ محذوف ، لدلالة الكلام عليه ، كما حذف في قوله : { فلما ذهبوا به } [ يوسف : 15 ] وقولهم : حينئذٍ الآن ، وتقديره : وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم ، فسيقولون هذا إفك قديم ، فهذا المضمر صحّ به الكلام ، حيث انتصب به الظرف وكان قوله : { فَسَيَقُولُونَ } مسبباً عنه كما صحَّ بإضمار أنّ قوله : { حتى يَقُولَ الرسول } [ البقرة : 214 ] لمصادفة ( حتى ) مجرورها ، والمضارع ناصبه . وقولهم : { إِفْكٌ قَدِيمٌ } كقولهم : أساطير الأوّلين .