تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

أي : ومن آياته أن ينزل عليكم المطر الذي تحيا به البلاد والعباد ويريكم قبل نزوله مقدماته من الرعد والبرق الذي يُخَاف ويُطْمَع فيه .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ } [ دالة ] على عموم إحسانه وسعة علمه وكمال إتقانه ، وعظيم حكمته وأنه يحيي الموتى كما أحيا الأرض بعد موتها .

{ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي : لهم عقول تعقل بها ما تسمعه وتراه وتحفظه ، وتستدل به عل ما جعل دليلا عليه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على عظمته أنه { يُرِيكُمُ الْبَرْقَ [ خَوْفًا وَطَمَعًا } أي : ] {[22803]} تارة تخافون مما يحدث بعده من أمطار مزعجة ، أو صواعق متلفة ، وتارة ترجون وَمِيضَه وما يأتي بعده من المطر المحتاج إليه ؛ ولهذا قال : { وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي : بعدما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء ، فلما جاءها الماء { اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [ الحج : 5 ] . وفي ذلك عبرة ودَلالَة واضحة على المعاد وقيام الساعة ؛ ولهذا قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } .


[22803]:- زيادة من ت.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزّلُ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن حججه يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفا لكم إذا كنتم سفرا ، أن تمطروا فتتأذّوا به وطَمَعا لكم ، إذا كنتم في إقامة أن تمطروا ، فتحيوا وتخصبوا وَيُنَزّلُ منَ السّماءِ ماءً يقول : وينزّل من السماء مطرا ، فيحيي بذلك الماء الأرض الميتة ، فتنبت ويخرج زرعها بعد موتها ، يعني جدوبها ودروسها إن فِي ذلكَ لاَياتٍ يقول : إن في فعله ذلك كذلك لعبرا وأدلة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ عن الله حججه وأدلته . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفا وَطَمَعا قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، في قوله وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفا وَطَمَعا قال : خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم .

واختلف أهل العربية في وجه سقوط «أن » في قوله : يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفا وَطَمَعا فقال بعض نحويي البصرة : لم يذكر ههنا «أن » لأن هذا يدلّ على المعنى وقال الشاعر :

ألا أيّهَذَا الزّاجِرِي أحْضُرَ الوَغَى *** وأنْ أشْهَدَ اللّذّاتِ هَل أنْتَ مُخْلِدي

قال : وقال :

لَوْ قُلْتُ ما فِي قَوْمِها لَمْ تِيتَم *** يَفْضُلُها في حَسَبٍ وَمِيسمِ

وقال : يريد : ما في قومها أحد . وقال بعض نحويي الكوفيين : إذا أظهرت «أن » فهي في موضع رفع ، كما قال : وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنَامُكُمْ فإذا حذفت جعلت «من » مؤدّية عن اسم متروك ، يكون الفعل صلة ، كقول الشاعر :

وَما الدّهْرُ إلاّ تارَتانِ فَمِنْهُما *** أموتُ وأُخْرَى أبْتَغي العَيْشَ أكْدحُ

كأنه أراد : فمنهما ساعة أموتها ، وساعة أعيشها ، وكذلك : ومن آياته يريكم آية البرق ، وآية لكذا ، وإن شئت أردت : ويريكم من آياته البرق ، فلا تضمر «أن » ولا غيره . وقال بعض من أنكر قول البصري : إنما ينبغي أن تحذف «أن » من الموضع الذي يدلّ على حذفها ، فأما في كلّ موضع فلا ، فأما مع أحضر الوغى فلما كان زجرتك أن تقوم ، وزجرتك لأن تقوم ، يدلّ على الاستقبال جاز حذف «أن » ، لأن الموضع معروف لا يقع في كلّ الكلام ، فأما قوله : ومن آياته أنك قائم ، وأنك تقوم ، وأن تقوم ، فهذا الموضع لا يحذف ، لأنه لا يدلّ على شيء واحد .

والصواب من القول في ذلك أن «من » في قوله وَمِنْ آياتِهِ تدل على المحذوف ، وذلك أنها تأتي بمعنى التبعيض . وإذا كانت كذلك ، كان معلوما أنها تقتضي البعض ، فلذلك تحذف العرب معها الاسم لدلالتها عليه .