فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

{ ومن آياته يريكم البرق } المعنى أن يريكم ، و منه المثل المشهور " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " وقيل : ويريكم البرق من آياته ، وقيل : من آياته آية يريكم بها وفيها البرق ، وقيل : التقدير : ومن آياته سحاب يريكم البرق { خوفا وطمعا } من آياته قال قتادة : خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم . وقال الضحاك : خوفا من الصواعق ، وطمعا في الغيث . وقال يحيي ابن سلام : خوفا أن يكون البرق برقا خلبا لا يمطر ، وطمعا أن يكون ممطرا ، { وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها } باليباس بأن تنبت .

{ إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } فإن من له نصيب من العقل يعلم أن ذلك آية يستدل بها على القدرة الباهرة ، كيف ؟ والعقل ملاك الأمر . وهو المؤدي إلى العلم فيما ذكر وغيره ، وإنما قال هنا : يعقلون ، وفيما تقدم : يتفكرون ، لأنه لما كان حدوث الولد من الولد أمرا عاديا مطردا قليل الاختلاف ؛ كان يتطرق إلى الأوهام القاصرة إن ذلك بالطبيعة لأن المطرد أقرب إلى الطبيعة من المختلف ، والبرق والمطر ليس مطردا غير مختلف بل يختلف إذ يقع ببلدة دون بلدة ، وفي وقت دون وقت ، وتارة يكون قويا وتارة يكون ضعيفا فهو أظهر في العقل دلالة على الفاعل المختار . فقال : هو آية لمن له عقل وإن لم يتفكر تفكرا تاما ، قاله الكرخي .