نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

ولما ختم بالسمع آية جمعت آيات الأنفس والآفاق لكونها نشأت من أحوال البشر والخافقين ، افتتح{[52891]} بالرؤية آية أخرى جامعة لهما لكونها ناشئة عنهما مع كونها{[52892]} أدل على المقصود جامعة بين{[52893]} {[52894]}الترغيب والترهيب{[52895]} فقال : { ومن آياته } ولما كان لمعان البرق جديراً بالتماع البصر عند{[52896]} أول رؤية ، وكان يتجدد في حين دون حين ، عبر بالمضارع حاذفاً الدال على إرادة المصدر للدلالة على {[52897]}التجدد المعجب{[52898]} منه فقال : { يريكم البرق } أي على هيئات وكيفيات طالما شاهدتموها تارة تأتي بما يضر وتارة بما يسر ، ولذلك قال معبراً بغاية الإخافة{[52899]} والإطماع لأن الغايات هي المقصودة بالذات : { خوفاً } أي للإخافة من الصواعق المحرقة { وطمعاً } أي وللاطماع في المياه الغدقة ، وعبر بالطمع لعدم الأسباب الموصلة إليه .

ولما كان البرق غالباً من المبشرات بالمطر ، وكان ما ينشأ عن{[52900]} الماء أدل شيء على البعث ، أتبعه شرح ما أشار إليه به من الطمع{[52901]} فقال : { وينزّل } ولما كان إمساك الماء في جهة العلو في غاية الغرابة ، قال محققاً للمراد بالإنزال من الموضع الذي لا يمكن لأحد غيره دعواه { من السماء ماء } .

ولما جعل سبحانه ذلك سبباً لتعقب الحياة قال : { فيحيي به } أي الماء النازل من {[52902]}السماء خاصة لأن أكثر الأرض لا تسقى بغيره{[52903]} { الأرض } أي بالنبات الذي هو لها كالروح لجسد الإنسان ، ولما كانت الأرض ليس لها من ذاتها في الإنبات إلا العدم ، وكان إحياؤها به متكرراً ، فكان كأنه دائم ، وكان ذلك أنسب لمقصود السورة{[52904]} حذف الجار قائلاً : { بعد موتها } أي بيبسه وتهشمه { إن في ذلك } أي{[52905]} الأمر العظيم العالي القدر { لآيات } لا سيما على القدرة على البعث . ولما كان ذلك ظاهراً كونه من الله الفاعل بالاختيار لوقوعه في سحاب دون سحاب وفي وقت دون آخر وفي بلد دون آخر ، وعلى هيئات من القوة والضعف والبرد والحر وغير ذلك من الأمر ، وكان من الوضوح في الدلالة على البعث بمكان لا يخفى على عاقل قال : { لقوم يعقلون* }{[52906]} .


[52891]:سقط من ظ.
[52892]:زيد من ظ ومد.
[52893]:من ظ ومد، وفي الأصل: من.
[52894]:في ظ ومد: الترهيب والترغيب.
[52895]:في ظ ومد: الترهيب والترغيب.
[52896]:زيد من ظ ومد.
[52897]:في ظ: التعجب.
[52898]:في ظ: التعجب.
[52899]:من ظ ومد، وفي الأصل: الإضافة.
[52900]:من ظ ومد، وفي الأصل: على.
[52901]:من ظ ومد، وفي الأصل: المطمع.
[52902]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52903]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52904]:زيد من ظ ومد.
[52905]:زيد من ظ ومد.
[52906]:في ظ ومد: يتفكرون.