تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (10)

وقوله : { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ } يدخل في هذا ، النفقات الواجبة ، من الزكاة والكفارات{[1109]}  ونفقة الزوجات ، والمماليك ، ونحو ذلك ، والنفقات المستحبة ، كبذل المال في جميع المصالح ، وقال : { مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ } ليدل ذلك على أنه تعالى ، لم يكلف العباد من النفقة ، ما يعنتهم ويشق عليهم ، بل أمرهم بإخراج جزء{[1110]}  مما رزقهم الله الذي يسره لهم{[1111]}  ويسر لهم أسبابه .

فليشكروا الذي أعطاهم ، بمواساة إخوانهم المحتاجين ، وليبادروا بذلك ، الموت الذي إذا جاء ، لم يمكن العبد أن يأتي بمثقال ذرة من الخير ، ولهذا قال : { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ } متحسرًا على ما فرط في وقت الإمكان ، سائلاً الرجعة التي هي محال : { رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي : لأتدارك ما فرطت فيه ، { فَأَصَّدَّقَ } من مالي ، ما به أنجو من العذاب ، وأستحق به جزيل الثواب ، { وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } بأداء المأمورات كلها ، واجتناب المنهيات ، ويدخل في هذا ، الحج وغيره .


[1109]:- كذا في ب، وفي أ: الكفارة.
[1110]:- كذا في ب، وفي أ: أمرهم بجزء.
[1111]:- في ب، مما رزقهم ويسره ويسر أسبابه.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (10)

ثم حثهم على الإنفاق في طاعته فقال : { وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } فكل مُفَرِّط يندم عند الاحتضار ، ويسأل طول المدة ولو شيئا يسيرًا ، يستعتب ويستدرك ما فاته ، وهيهات ! كان ما كان ، وأتى ما هو آت ، وكل بحسب تفريطه ، أما الكفار فكما قال [ الله ]{[28912]} تعالى : { وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ } [ إبراهيم : 44 ] وقال تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ المؤمنون : 99 ، 100 ]


[28912]:- (1) زيادة من أ.