فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (10)

{ وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ( 10 ) }

جودوا أهل اليقين بالله ، وابذلوا مما أعطاكم ربكم في كل ما أذن به المولى ورضي ، فإن النفقة في الطاعة والبر إنما هي تجارة مع الله لن تبور ، وربحها عز ونصر وخلاف في العاجل ، ومغفرة وأجر كبير في الأجل- وكأنما ترشد الآية الكريمة إلى البذل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط حيث جاء الأمر بالإنفاق مما رزقنا ، ومن للتبعيض أي بعض ما رزقتم ، ولم يأت الأمر : أنفقوا ما رزقناكم ، ويوضح هذا قول الحق- تبارك اسمه- : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما }{[6937]} ، وقوله عز وجل : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }{[6938]} ؛ ومن قدم على الله ولا حسنة له ، أو عاش كزا بخيلا مناعا للخير فسيطوق ما بخل به يوم القيامة ، بل يعذب في دنياه قبل أخراه بهلاك ما جمع ، أو ينزع الله تعالى البركة منه ، فإذا أحس بدنو أجله وحضرته سكرات المنية تمنى أن يطول عمره ليتدارك ما فاته ويبسط يده بالمعروف وليوفي أصحاب الحقوق حقوقهم ، وهيهات : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون . لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } . {[6939]}


[6937]:- سورة الفرقان. الآية 67.
[6938]:- سورة الإسراء. الآية 29.
[6939]:- سورة المؤمنون. الآيتين 99، 100.