الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (10)

{ مِن } في { مَّا رزقناكم } للتبعيض ، والمراد : الإنفاق الواجب { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ الموت } من قبل أن يرى دلائل الموت ، ويعاين ما ييأس معه من الإمهال ، ويضيق به الخناق ، ويتعذر عليه الإنفاق ويفوت وقت القبول ، فيتحسر على المنع ، ويعضّ أنامله على فقد ما كان متمكناً منه . وعن ابن عباس رضي الله عنه : تصدّقوا قبل أن ينزل عليك سلطان الموت ، فلا تقبل متمكناً منه . وعن ابن عباس رضي الله عنه : تصدّقوا قبل أن ينزل عليكم سلطان الموت ، فلا تقبل توبة ، ولا ينفع عمل . وعنه : ما يمنع أحدكم إذا كان له مال أن يزكي ، وإذا أطاق الحج أن يحج من قبل أن يأتيه الموت ، فيسأل ربه الكرة فلا يعطاها . وعنه : أنها نزلت في ما نعى الزكاة ، ووالله لو رأى خيراً لما سأل الرجعة ، فقيل له : أما تتقي الله ، يسأل المؤمنون الكرة ؟ قال : نعم ، أنا أقرأ عليكم به قرآنا ، يعني : أنها نزلت في المؤمنين وهم المخاطبون بها ، وكذا عن الحسن : ما من أحد لم يزك ولم يصم ولم يحج إلا سأل الرجعة . وعن عكرمة أنها نزلت في أهل القبلة { لَوْلا أَخَّرْتَنِىَ } . وقرىء : «أخرتن » ، يريد : هلا أخرت موتى { إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ } إلى زمان قليل { فَأَصَّدَّقَ } وقرأ أُبي« فأتصدق » على الأصل . وقرى : «وأكن » ، عطفاً على محل { فَأَصَّدَّقَ } كأنه قيل : إن أخرتني أصدّق وأكن . ومن قرأ : «وأكون » على النصب ، فعلى اللفظ . وقرأ عبيد بن عمير : «وأكون » ، على «وأنا أكون » عدة منه بالصلاح .