تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } فرغد الرزق والأمن من المخاوف من أكبر النعم الدنيوية ، الموجبة لشكر الله تعالى .

فلك اللهم الحمد والشكر على نعمك الظاهرة والباطنة ، وخص الله بالربوبية البيت  لفضله وشرفه ، وإلا فهو رب كل شيء .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

قوله تعالى : { الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف }

قوله تعالى : { الذي أطعمهم من جوع } أي بعد جوع . { وآمنهم من خوف } قال ابن عباس : وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال : { رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات }{[16460]}[ البقرة : 126 ] . وقال ابن زيد : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضها من بعض ، فأمنت قريش من ذلك المكان الحرم - وقرأ - { أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء }{[16461]} [ القصص : 57 ] . وقيل : شق عليهم السفر في الشتاء والصيف ، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاما في السفن ، فحملوه ، فخافت قريش منهم ، وظنوا أنهم قدموا لحربهم ، فخرجوا إليهم متحرزين ، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام ، وأغاثوهم بالأقوات ، فكان أهل مكة يخرجون إلى جدة بالإبل والحمر ، فيشترون الطعام ، على مسيرة ليلتين . وقيل : هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم ، فقال : " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " ، فاشتد القحط ، فقالوا : يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون . فدعا فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمن ، فحملوا الطعام إلى مكة ، وأخصب أهلها . وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان : { وآمنهم من خوف } أي من خوف الجذام ، لا يصيبهم ببلدهم الجذام . وقال الأعمش : { وآمنهم من خوف } أي من خوف الحبشة مع الفيل . وقال علي رضي الله عنه : { وآمنهم من خوف }{[16462]} أن تكون الخلافة إلاَّ فيهم . وقيل : أي كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك . فالله أعلم ، واللفظ يعم .


[16460]:آية 126 سورة البقرة.
[16461]:آية 57 سورة القصص.
[16462]:التكملة عن تفسير الخطيب.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ} (4)

{ الذي أطعمهم من جوع } يحتمل أن يريد إطعامهم بسبب الرحلتين ، فقد روي : أنهم كانوا قبل ذلك في شدة وضيق حال حتى أكلوا الجيف ، ويحتمل أن يريد إطعامهم على الإطلاق ، فقد كان أهل مكة ساكنين بواد غير ذي زرع ، ولكن الله أطعمهم مما يجلب إليهم من البلاد ، بدعوة أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهو قوله : { وارزقهم من الثمرات } [ إبراهيم : 37 ] .

{ وآمنهم من خوف } يحتمل أن يريد آمنهم من خوف أصحاب الفيل ، ويحتمل أن يريد آمنهم في بلدهم بدعوة إبراهيم في قوله : { رب اجعل هذا بلدا آمنا } [ البقرة : 126 ] وقد فسرناه في موضعه ، أو يعني : آمنهم في أسفارهم ؛ لأنهم كانوا في رحلتهم آمنين لا يتعرض لهم أحد بسوء ، وكان غيرهم من الناس تؤخذ أموالهم وأنفسهم . وقيل : آمنهم من الجذام ، فلا يرى بمكة مجذوما . قال الزمخشري : التنكير في جوع وخوف لشدتهما .