{ 12 - 14 } { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
لما ذكر تعالى رجوعهم إليه يوم القيامة ، ذكر حالهم في مقامهم بين [ يديه ]{[681]} فقال : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ } الذين أصروا على الذنوب العظيمة ، { نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } خاشعين خاضعين أذلاء ، مقرين بجرمهم ، سائلين الرجعة قائلين : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } أي : بأن لنا الأمر ، ورأيناه عيانًا ، فصار عين يقين .
{ فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } أي : صار عندنا الآن ، يقين بما [ كنا ]{[682]} نكذب به ، أي : لرأيت أمرا فظيعًا ، وحالاً مزعجة ، وأقوامًا خاسرين ، وسؤلًا غير مجاب ، لأنه قد مضى وقت الإمهال .
وبمناسبة البعث الذي يعترضون عليه والرجعة التي يشكون فيها ، يقفهم وجها لوجه أمام مشهد من مشاهد القيامة ؛ مشهد حي شاخص حافل بالتأثرات والحركات والحوار كأنه واقع مشهود :
ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم . ربنا أبصرنا وسمعنا ، فارجعنا نعمل صالحا ، إنا موقنون - ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ، ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين - فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ، إنا نسيناكم ، وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون . .
إنه مشهد الخزي والاعتراف بالخطيئة ، والإقرار بالحق الذي جحدوه ، وإعلان اليقين بما شكوا فيه ، وطلب العودة إلى الأرض لإصلاح ما فات في الحياة الأولى . . وهم ناكسو رؤوسهم خجلا وخزيا . . ( عند ربهم ) . . الذي كانوا يكفرون بلقائه في الدنيا . . ولكن هذا كله يجيء بعد فوات الأوان حيث لا يجدي اعتراف ولا إعلان .
{ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم } من الحياء والخزي . { ربنا } قائلين ربنا . { أبصرنا } ما وعدتنا . { وسمعنا } منك تصديق رسلك . { فارجعنا } إلى الدنيا . { نعمل صالحا إنا موقنون } إذ لم يبق لنا شك بما شاهدنا ، وجواب { لو } محذوف تقديره لرأيت أمرا فظيعا ، ويجوز أن تكون للتمني والمضي فيها وفي { إذ } لأن الثابت في علم الله بمنزلة الواقع ، ولا يقدر ل { ترى } مفعول لأن المعنى لو يكون منك رؤية في هذا الوقت ، أو يقدر ما دل عليه صلة إذا والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد .
قوله تعالى : { لو ترى } تعجيب لمحمد وأمته من حال الكفرة وما حل بهم ، وجواب { لو } محذوف لأن حذفه أهول إذ يترك الإنسان فيه مع أقصى تخيله ، و { المجرمون } هم الكافرون بدليل التوعد بالنار وبدليل قولهم { إنا موقنون } أي أنهم كانوا في الدنيا غير موقنين ، وتنكيس الرؤوس هو من الذل واليأس والهم بحلول العذاب وتعلق نفوسهم بالرجعة إلى الدنيا ، وفي القول محذوف تقديره يقولون { ربنا } وقولهم { أبصرنا وسمعنا } أي ما كنا نخبر به في الدنيا فكنا مكذبين به ، ثم طلبوا الرجعة حين لا ينفع ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.