تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (46)

45

ولهذا قال : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي : يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات ، ونفس عنهم الكربات ، وزجرهم عن فعل السيئات ، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات ، وأما من لم يؤمن بلقاء ربه ، كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (46)

40

واليقين بلقاء الله - واستعمال ظن ومشتقاتها في معنى اليقين كثير في القرآن وفي لغة العرب عامة - واليقين بالرجعة إليه وحده في كل الأمور . . هو مناط الصبر والاحتمال ؛ وهو مناط التقوى والحساسية . كما أنه مناط الوزن الصحيح للقيم : قيم الدنيا وقيم الآخرة . ومتى استقام الميزان في هذه القيم بدت الدنيا كلها ثمنا قليلا ، وعرضا هزيلا ؛ وبدت الآخرة على حقيقتها ، التي لا يتردد عاقل في اختيارها وإيثارها .

وكذلك يجد المتدبر للقرآن في التوجيه الذي قصد به بنو إسرائيل أول مرة ، توجيها دائما مستمر الإيحاء للجميع . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (46)

{ الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون } أي يتوقعون لقاء الله تعالى ونيل ما عنده ، أو يتيقنون أنهم يحشرون إلى الله فيجازيهم ، ويؤيده أن في مصحف ابن مسعود " يعلمون " وكأن الظن لما شابه العلم في الرجحان أطلق عليه لتضمن معنى التوقع ، قال أوس بن حجر :

فأرسلته مستيقن الظل أنه *** مخالط ما بين الشراسيف جائف

وإنما لم تثقل عليهم ثقلها على غيرهم فإن نفوسهم مرتاضة بأمثالها ، متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجله مشاقها ويستلذ بسببه متاعبها ، ومن ثمة قال عليه الصلاة والسلام : " وجعلت قرة عيني في الصلاة " .