الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (46)

و{ يَظُنُّونَ } في هذه الآية ، قال الجمهور معناه : يوقنُونَ ، والظنُّ في كلام العرب قاعدته الشَّكُّ مع ميلٍ إلى أحد معتقديه ، وقد يقع موقع اليقين ، لكنه لا يقع فيما قد خرج إلى الحِسِّ ، لا تقول العرب في رجل مَرْئِيٍّ أظن هذا إنسانًا ، وإنَّمَا تجد الاستعمال فيما لم يخرج إلى الحس ، كهذه الآية ، وكقوله تعالى : { فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا } [ الكهف : 53 ] .

قال : ( ص ) قلتُ : وما ذكره ابن عَطيَّةَ ، هو معنى ما ذكره الزَّجَّاج في " معانيه " عن بعْض أهل العلْمِ ، أنَّ الظنَّ يقع في معنى العلْمِ الذي لم تشاهدْه ، وإِنْ كان قد قامت في نفسك حقيقتُهُ ، قال : وهذا مذهبٌ إلا أن أهل اللغة لم يذكروه ، قال : وسمعته من أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق القاضي ، رواه عن زيد بن أسْلَمَ . انتهى .

والمُلاَقَاةُ هي لِلثوابِ أو العقابِ ، ويصحُّ أن تكون الملاقاة هنا بالرؤية التي عليها أهل السنة ، وورد بها متواترُ الْحَدِيث .

و{ راجعون } قيل : معناه بالموْتِ ، وقيل : بالحشرِ والخروجِ إلى الحساب ، والعرضِ ويقوِّي هذا القوْل الآيةُ المتقدِّمة ، قوله تعالى : { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }[ البقرة :28 ] .