النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (46)

قوله تعالى : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو ربِّهِمْ } فيه تأويلان :

أحدهما : يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم ، لإشفاقهم من المعاصي التي كانت منهم .

والثاني : وهو قول الجمهور : أن الظن ها هنا اليقين ، فكأنه قال : الذين يَتَيَقَّنُون أنهم ملاقو ربهم ، وكذلك قوله تعالى : { إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّي مُلاَقٍ حسَابِيَهْ{[109]} } أي تيقَّنت ، قال أبو داود :

رُبَّ هَمٍّ فَرَّجْتَهُ بِغَرِيمٍ *** وَغُيوبٍ كَشَفْتَهَا بِظُنُونِ

{ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنه أراد بالرجوع الموت .

والثاني : أنهم راجعون بالإعادة في الآخرة ، وهو قول أبي العالية .

والثالث : راجعون إليه ، أي لا يملك أحد لهم ضرّاً ولا نفعاً غيره كما كانوا في بدءِ الخلق .


[109]:- الآية 20 من سورة الحاقة.