تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ} (130)

ولهذا أمر الله رسوله بالصبر على أذيتهم بالقول ، وأمره أن يتعوض عن ذلك ، ويستعين عليه بالتسبيح بحمد ربه ، في هذه الأوقات الفاضلة ، قبل طلوع الشمس وغروبها ، وفي أطراف النهار ، أوله وآخره ، عموم بعد خصوص ، وأوقات الليل وساعاته ، لعلك إن فعلت ذلك ، ترضى بما يعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل ، وليطمئن قلبك ، وتقر عينك بعبادة ربك ، وتتسلى بها عن أذيتهم ، فيخف حينئذ عليك الصبر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ} (130)

99

وإذا كانوا مؤخرين إلى أجل ، ممهلين لا مهملين ، فلا عليك - يا محمد - منهم ولا مما أوتوه من زينة الحياة الدنيا ليكون ابتلاء لهم ، فإنما هي الفتنة ، وما أعطاكه الله إنعاما فهو خير مما أعطاهم ابتلاء :

( فاصبر على ما يقولون ، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى . ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لتفتنهم فيه ، ورزق ربك خير وأبقى . وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى . . )

فاصبر على ما يقولون من كفر واستهزاء وجحود وإعراض ، ولا يضق صدرك بهم ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات . واتجه إلى ربك . سبح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها . في هدأة الصبح وهو يتنفس ويتفتح بالحياة ؛ وفي هدأة الغروب والشمس تودع ، والكون يغمض أجفانه ، وسبح بحمده فترات منالليل والنهار . . كن موصولا بالله على مدار اليوم . . ( لعلك ترضى ) . .

إن التسبيح بالله اتصال . والنفس التي تتصل تطمئن وترضى . ترضى وهي في ذلك الجوار الرضي ؛ وتطمئن وهي في ذلك الحمى الآمن .

فالرضى ثمرة التسبيح والعبادة ، وهو وحده جزاء حاضر ينبت من داخل النفس ويترعرع في حنايا القلب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ} (130)

{ فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك } وصل وأنت حامد لربك على هدايته وتوفيقه ، أو نزهة عن الشرك وسائر ما يضيفون إليه من النقائص حامدا له على ما ميزك بالهدى معترفا بأنه المولى للنعم كلها . { قبل طلوع الشمس } يعني الفجر . { وقبل غروبها } يعني الظهر والعصر لأنهما في آخر النهار أو العصر وحده . { ومن آناء الليل } ومن ساعاته جمع أنا بالكسر والقصر ، أو أناء بالفتح والمد . { فسبح } يعني المغرب والعشاء وإنما قدم زمان الليل لاختصاصه بمزيد الفضل فإن القلب فيه أجمع والنفس أميل إلى الاستراحة فكانت العبادة فيه أحمس ولذلك قال سبحانه وتعالى : { إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا } { وأطراف النهار } تكرير لصلاتي الصبح والمغرب إرادة الاختصاص ، ومجيئه بلفظ الجمع لأمن الإلباس كقوله :

*** ظهراهما مثل ظهور الترسين ***

أو أمر بصلاة الظهر فإنه نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الآخر وجمعه باعتبار النصفين أو لأن النهار جنس ، أو بالتطوع في أجزاء النهار . { لعلك ترضى } متعلق ب { سبح } أي سبح في هذه الأوقات طمعا أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك : وقرأ الكسائي وأبو بكر بالبناء للمفعول أي يرضيك ربك .