الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ} (130)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فاصْبِرْ على ما يَقُولُونَ" يقول جلّ ثناؤه لنبيه: فاصبر يا محمد على ما يقول هؤلاء المكذّبون بآيات الله من قومك لك إنك ساحر، وإنك مجنون وشاعر ونحو ذلك من القول.

"وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ "يقول: وصل بثنائك على ربك، وقال: "بحمد ربك". والمعنى: بحمدك ربك...

وقوله: "قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ" وذلك صلاة الصبح، "وَقَبْلَ غُرُوبِها" وهي العصر، "وَمِنْ آناءِ اللّيْلِ" وهي ساعات الليل...

ويعني بقوله: "وَمِنْ آناءِ اللّيْلِ فَسَبّحْ" صلاة العشاء الآخرة، لأنها تصلى بعد مضيّ آناء من الليل.

وقوله: "وأطْرَافَ النّهارِ": يعني صلاة الظهر والمغرب. وقيل: أطراف النهار، والمراد بذلك الصلاتان اللتان ذكرنا، لأن صلاة الظهر في آخر طرف النهار الأوّل، وفي أوّل طرف النهار الآخر، فهي في طرفين منه، والطرف الثالث: غروب الشمس، وعند ذلك تصلى المغرب، فلذلك قيل أطراف. وقد يحمل أن يقال: أريد به طرفا النهار. وقيل: أطراف... فيكون ذلك أوّل طرف النهار الآخر، وآخر طرفه الأول... عن ابن عباس، في قوله: وَمِنْ آناءِ اللّيْلِ فَسَبّحْ قال: آناء الليل: جوف الليل.

وقوله: "لَعَلّكَ تَرْضَى" يقول: كي ترضى.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والعراق: "لَعَلّكَ تَرْضَى" بفتح التاء. وكان عاصم والكسائي يقرآن ذلك: «لَعَلّكَ تُرْضَى» بضم التاء، ورُوي ذلك عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ؛ وكأنّ الذين قرأوا ذلك بالفتح، ذهبوا إلى معنى: إن الله يعطيك، حتى ترضى عطيّته وثوابه إياك..

وكأن الذين قرأوا ذلك بالضم، وجهوا معنى الكلام إلى لعلّ الله يرضيك من عبادتك إياه، وطاعتك له.

والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، وهما قراءتان مستفيضتان في قَرَأة الأمصار، متفقتا المعنى، غير مختلفتيه وذلك أن الله تعالى ذكره إذا أرضاه، فلا شكّ أنه يرضى، وأنه إذا رضي فقد أرضاه الله، فكل واحدة منهما تدلّ على معنى الأخرى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فاصبر على ما يقولون} يصبر رسوله على أذاهم بلسانهم من السب والنسبة إلى السحر والجنون والافتراء على الله تعالى ونحوه...

{وسبح بحمد ربك}: صل بأمر ربك. لأنه أمره أن يصلي له بقوله: {وأقم الصلاة}... ولولا صرف أهل التأويل التسبيح في هذه الآية إلى الصلاة، وإلا يجوز أن يصرف إلى غيرها من الأذكار في كل وقت، لكن صرفوه إلى الصلاة، لأن الصلاة تشتمل على معان قولا وفعلا، وسائر الأذكار لا تشتمل إلا على معنى الذكر قولا، فهي أجمع وأشمل لذكره، والله أعلم...

وقوله تعالى: {لعلك ترضى} بالنصب والرفع جميعا أي يرضيك ربك بما عملت، أو يرضى بذلك.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

سماعُ الأذى يوجِب المشقة، فأزال عنه ما كان لَحِقَه من المشقة عند سماع ما كانوا يقولون، وأَمَرَهُ: إنْ كان سماعُ ما يقولون يُوحشُكَ فتسبيحُنا -الذي تُثْنِي به علينا- يُرَوِّحُك.

{قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ}: أي في صدر النهار؛ ليُبُارِكَ لكَ في نهارِك، ويَنْعَمَ صباحُك. {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} أي عند نقصان النهار؛ ليطيبَ لَيْلُكَ، وينعم رَواحُك. {وَمِنْ ءَانَاءِ الَّليْلِ} أي في ساعات الليل؛ فإن كمال الصفوة في ذكر الله حال الخلوة.

{وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} أي اسْتَدِمْ ذِكْرَ اللَّهِ في جميع أحوالك.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بِحَمْدِ رَبّكَ}... أي: وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه والمراد بالتسبيح الصلاة. أو على ظاهره قدم الفعل على الأوقات أوّلاً، والأوقات على الفعل آخراً، فكأنه قال: صل لله قبل طلوع الشمس يعني الفجر، وقبل غروبها يعني الظهر والعصر، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها، وتعمد آناء الليل وأطراف النهار مختصاً لهما بصلاتك، وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل، لاجتماع القلب وهدوّ الرجل والخلوّ بالرب. وقال الله عز وجل: {إِنَّ نَاشِئَةَ اليل هِي أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل: 6] وقال: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء اليل ساجدا وَقَائِماً} [الزمر: 9] ولأنّ الليل وقت السكون والراحة، فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق؛ وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله. وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العتمة، وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار، إرادة الاختصاص، كما اختصت في قوله: {حافظوا عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238] عند بعض المفسرين... [لعلك ترضى]. ولعل للمخاطب، أي: اذكر الله في هذه الأوقات، طمعاً ورجاء أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك ويسر قلبك.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

عن عمارة بن رُوَيْبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لن يَلجَ النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها". رواه مسلم من حديث عبد الملك بن عمير، به.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فاصبر على ما يقولون} لك من الاستهزاء وغيره. ولما كان الصبر شديداً على النفس منافراً للطبع، لأن النفس مجبولة على النقائص، مشحونة بالوساوس، أمر منه لأجل من يحتاج إلى الكمال بما ينهض بها من حضيض الجسم إلى أوج الروح بمقامي التحلي بالكمالات والتخلي عن الرعونات، وبدأ بالأول لأنه العون على الثاني، وذكر أشرف الحلي فقال: {وسبح بحمد ربك} أي اشتغل بما ينجيك من عذابه، ويقربك من جنابه، بأن تنزه من أحسن إليك عن كل نقص، حال كونك حامداً له بإثبات كل كمال، وذلك بأن تصلي له خاصة وتذكره بالذاكرين، غير ملتفت إلى شيء سواه {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر والظهر...؛ وغير السياق في قوله: {ومن آناء الّيل} أي ساعاته لأن العبادة حينئذ أفضل لاجتماع القلب وهدوء الرجل والخلو بالرب، لأن العبادة إذ ذاك أشق وأدخل في التكليف فكانت أفضل عند الله {فسبح} أي بصلاة المغرب والعشاء، إيذاناً بعظمة صلاة الليل، وكرر الأمر بصلاتي الصبح والعصر إعلاماً بمزيد فضلهما، لأن ساعتيهما أثناء الطي والبعث فقال: {وأطراف النهار} ويؤيد ما فهمته من أن ذلك تكرير لهما ما في الصحيحين عن جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال:"إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا"، ثم قرأ هذه الآية. وإلا لم يكن في الآية مزيد حث عليهما خاصة، على أن لفظ "آناء وأطراف "صالح لصلاة التطوع من الرواتب وغيرها ليلاً ونهاراً، وأفاد بذكر الجارّ في الآناء التبعيض، لأن الليل محل الراحة، ونزعه من الأطراف لتيسر استغراقها بالذكر، لأن النهار موضع النشاط واليقظة، ويجوز -وهو أحسن- أن يكون المراد بما قبل الطلوع الصبح، وما قبل الغروب العصر فقط، وببعض الآناء المغرب والعشاء، وأدخل الجار لكونهما وقتين، وبجميع الأطراف الصبح والظهر والعصر، لأن النهار له أربعة أطراف: أوله، وآخره وآخر نصفه الأول، وأول نصفه الثاني، والكل مستغرق بالتسبيح،... ولما كان الغالب على الإنسان النسيان فكان الرجاء عنده أغلب، ذكر الجزاء بكلمة الإطماع لئلا يأمن فقال: {لعلك ترضى} أي افعل هذا لتكون على رجاء من أن يرضاك ربك فيرضيك في الدنيا والآخرة، بإظهار دينك وإعلاء أمرك، ولا يجعلك في عيش ضنك في الدنيا ولا في الآخرة -...

تيسير التفسير لاطفيش 1332 هـ :

{فاصْبِر عَلى ما يقُولُون} من كلمات الكفر، فإنهم معذبون عليه لا محالة، وليسوا مهملين، بل ممهلون، وهذا صبر لا ينسخ، فهو مستمر بعد الأمر بالقتال وقبله...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

ولهذا أمر الله رسوله بالصبر على أذيتهم بالقول، وأمره أن يتعوض عن ذلك، ويستعين عليه بالتسبيح بحمد ربه، في هذه الأوقات الفاضلة، قبل طلوع الشمس وغروبها، وفي أطراف النهار، أوله وآخره، عموم بعد خصوص، وأوقات الليل وساعاته، لعلك إن فعلت ذلك، ترضى بما يعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل، وليطمئن قلبك، وتقر عينك بعبادة ربك، وتتسلى بها عن أذيتهم، فيخف حينئذ عليك الصبر.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فاصبر على ما يقولون من كفر واستهزاء وجحود وإعراض، ولا يضق صدرك بهم، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات. واتجه إلى ربك. سبح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. في هدأة الصبح وهو يتنفس ويتفتح بالحياة؛ وفي هدأة الغروب والشمس تودع، والكون يغمض أجفانه، وسبح بحمده فترات من الليل والنهار.. كن موصولا بالله على مدار اليوم.. (لعلك ترضى).. إن التسبيح بالله اتصال. والنفس التي تتصل تطمئن وترضى. ترضى وهي في ذلك الجوار الرضي؛ وتطمئن وهي في ذلك الحمى الآمن. فالرضى ثمرة التسبيح والعبادة، وهو وحده جزاء حاضر ينبت من داخل النفس ويترعرع في حنايا القلب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

فرع على ذلك أمر رسول الله بالصبر على ما يقولون من التكذيب وبالوعيد لتأخير نزوله بهم. والمعنى: فلا تستعجل لهم العذاب واصبر على تكذيبهم ونحوه الشامل له الموصول في قوله {ما يقولون}.

وأمره بأن يقبل على مزاولة تزكية نفسه وتزكية أهله بالصلاة، والإعراض عما متع الله الكفّار برفاهية العيش، ووعده بأن العاقبة للمتقين.

فالتسبيح هنا مستعمل في الصلاة لاشتمالها على تسبيح الله وتنزيهه.

والباء في قوله {بحمد ربك} للملابسة، وهي ملابسة الفاعل لفعله، أي سبّحْ حامداً ربّك، فموقع المجرور موقع الحال.

والأوقات المذكورة هي أوقات الصلوات، وهي وقت الصبح قبل طلوع الشمس، ووقتان قبل غروبها وهما الظهر والعصر، وقيل المراد صلاة العصر. وأما الظهر فهي قوله: {وأطراف النهار} كما سيأتي.

و {منْ} في قوله {من آناء الليل} ابتدائية متعلّقة بفعل (فسبح). وذلك وقتا المغرب والعشاء. وهذا كله من المجمل الذي بيّنته السنّة المتواترة...

وقوله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} وقد تقدم في سورة الإسراء (79).

ووجه الاهتمام بآناء الليل أن الليل وقت تميل فيه النفوس إلى الدعة فيخشى أن تتساهل في أداء الصلاة فيه.

وآناء الليل: ساعاته...

وقوله {وأطراف النهار}... وطرف الشيء منتهاه. قيل: المراد أول النهار وآخره، وهما وقتا الصبح والمغرب، فيكون من عطف البعض على الكل للاهتمام بالبعض، كقوله {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]. وقيل: المراد طرف سير الشمس في قوس الأفق، وهو بلوغ سيرها وسْط الأفق المعبر عنه بالزوال، وهما طرفان طرفُ النهاية وطرف الزوال، وهو انتهاء النصف الأول وابتداء النصف الثاني من القوس، كما قال تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار} [هود: 114]. وعلى هذا التفسير يتجه أن يكون ذكر الطرفين معاً لوقت صلاة واحدة أن وقتها ما بين الخروج من أحد الطرفين والدخول في الطرف الآخر وتلك حصة دقيقة...

والذي حسّنه هنا مشاكلة الجمع للجمع في قوله {ومن آناء الليل فسبح}.

وقرأ الجمهور {لعلّك تَرضى} بفتح التاء بصيغة البناء للفاعل، أي رجاءً لك أن تنال من الثواب عند الله ما ترضَى به نفسُك.

ويجوز أن يكون المعنى: لعل في ذلك المقدار الواجب من الصلوات ما ترضى به نفسك دون زيادة في الواجب رفقاً بك وبأمتك. ويبيّنه قوله: وجعلت قرّة عيني في الصلاة.

وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم تُرضى بضم التاء أي يرضيك ربّك، وهو محتمل للمعنيين.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} فإن التسبيح الذي ترفعه إلى الله تعظيماً وتنزيهاً له عن كل ما يلصقه به المشركون والكافرون، يفتح لك آفاقاً واسعة من الشعور بالقوة المستمدة من الله العظيم المنزّه عن كل عيب، ويجعلك تعيش الإحساس بالاحتقار لكل من عداه مهما بلغت قوته. كما أن الحمد الذي يتحرك مع التسبيح سوف يطل بك على كل صفة كمال وجلال لله سبحانه، فينفتح لك الحق كله، والخير كله، والكمال كله، والجلال كله، بما تمثله كلمة الله من آفاق المطلق الذي لا حدود له. وهكذا يكون التسبيح بالحمد انطلاقة روحية تخفف من أثقال الجهد الشديد الذي قد يسقط الإنسان من خلاله في حالة من الإعياء أو اليأس، ويقوده بعد ذلك إلى التراجع أو الانسحاب، لأن اللقاء بالله والعيش معه من خلال الذكر في تسبيح الله وحمده، يعطي الإنسان الشعور بتجدد القوة وتعاظمها، وبحيوية النشاط وفعاليته، ويدفعه إلى الامتداد تحت عناية الله ورعايته، قبل أن يبدأ يومه، لتكون بدايته من موقع الاستعداد ليوم عمل رسالي جديد في الدعوة وفي الجهاد، وقبل أن يبدأ ليلته، لينفض عنه سلبيات ما عاناه في يومه من صدمات وتحديات، فلا تترك تأثيرها على مشاريعه في الليل، وليخطط لنشاط روحي إسلامي في الليل بعيداً عن الانسحاق تحت تأثير الضغوط النفسية والمادية من حوله. {وَمِنْ آنَآءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ} فإذا امتد الليل، وانفتح في أعماق الكون، فسبح بحمد ربك لتعيش الصفاء الروحي الذي ينفذ إلى فكرك وقلبك ووجدانك من ينابيع النور الإلهي الروحاني الذي يحول الليل إلى إشراقة روحية ممتدة في كل زوايا النفس، وجنبات العقل، {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} أي وسبحه في فتراته التي تتوزّع في مواقيته، للمقابلة بين الليل والنهار، تماماً كما هي المقابلة بين ما قبل بدايته ونهايته، ليكون التعبير شاملاً للوقت كله في مجمله، وفي بداياته بطريقة بلاغية. وربما استفاد البعض الإشارة في توزيع التسبيح على الأوقات، أن المقصود بذلك هو الصلوات الخمس، وليس ذلك واضحاً من التعبير، بل ربما نستفيد مما يأتي من التأكيد على الصلاة، أن الحديث عنها ليس مقصوداً هنا، وإن كان الأمر ممكناً بلحاظ بعض الاعتبارات، والله العالم. {لَعَلَّكَ تَرْضَى} وتطمئن وترتاح إلى اتصالك بالمبدأ الأعلى في تسبيح وتحميد وتمجيد ومناجاة موصولة بالله، في رعايته ولطفه ورضوانه، ما يجعلك راضياً بكل شيء يحدث لك من حلو الحياة ومرها، وبؤسها ونعيمها، وسعادتها وشقائها، لأن ذلك لا يمثل مشكلة للمؤمن ما دام يتحرك في محبة الله ورضاه...