بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ} (130)

{ فاصبر على مَا يَقُولُونَ } ، يعني : على ما يقول أهل مكة من تكذيبهم إياك . { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } ، يعني : صل لربك واعمل بحمد ربك وبأمره { قَبْلَ طُلُوعِ الشمس } يعني : صلاة الفجر وقبل غروبها ، يعني : صلاة العصر ؛ ويقال : صلاة الظهر والعصر . وروى جرير ، عن عبد الله البجلي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ ، لا تُضَامٌّونَ فِي رُؤْيَتِهِ يعني : لا تزدحمون ، مأخوذ من الضم أي : لا ينضم بعضكم إلى بعض في رؤيته بظهوره كما في رواية الهلال . ويروى لا تضامون بالتخفيف وهو الضم أي : الظلم ، أي : لا يظلم بعضكم في رؤيته بأن يراه البعض دون البعض فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا عَنِ الصَّلاةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا » . ثم قرأ هذه الآية { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } .

{ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } ، على معنى التأكيد للتكرار { وَمِنْ ءانَاء الليل } ، يعني : ساعات الليل . { فَسَبّحْ } ، يعني : صلاة المغرب والعشاء ، { وَأَطْرَافَ النهار } ؛ يعني : غدوة وعشية . { لَعَلَّكَ ترضى } ؛ يعني : لعلك تعطى من الشفاعة حتى ترضى . قرأ الكسائي وعاصم في رواية أبي بكر { ترضى } بضم التاء على فعل ما لم يسم فاعله ، والباقون بالنصب يعني : ترضى أنت ؛ وقال أبو عبيدة : وبالقراءة الأولى نقرأ بالضم ، لأن فيها معنيين أحدهما ترضى أي : تعطى الرضا ، والأخرى ترضى أي يرضاك الله . وتصديقه قوله تعالى : { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة والزكواة وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } [ مريم : 55 ] ؛ وليس في الأخرى وهي القراءة بالنصب ، إلا وجه واحد .