الآية 130 : وقوله تعالى : { فاصبر على ما يقولون } يصبر رسوله على أذاهم بلسانهم من السب والنسبة إلى السحر والجنون والافتراء على الله تعالى ونحوه ، وإن كان وعده{[12498]} أنه يعصمه منهم حتى لا يقدروا على إتلافه وإهلاكه ، لأن في حفظ نفسه من الإتلاف والإهلاك آية من آيات رسالته ؛ إذ بعثه إلى الفراعنة والجبابرة الذين كانت همتهم وعادتهم قتل من يخالفهم في شيء وإهلاك من يستقبلهم بما يكرهون . فدل عجزهم عن إتلافه وإهلاكه وحفظ نفسه منهم أنه كان ذلك لآية في نفسه .
وأما أذاهم إياه باللسان فليس{[12499]} في حفظه عنه آية ، لأن ذلك ما{[12500]} كان آية . فهم وذلك مما لا يؤثر نقصا في نفسه أو شيئا . ألا ترى أنهم قالوا في الله ما لا يليق به من الولد وغيره ؟ فدل أنه ليس في حفظ نفسه عن أذاهم بلسانهم آية . إنما الآية في ما ذكرنا من حفظ نفسه من الإتلاف ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وسبح بحمد ربك } قال أهل التأويل : صل بأمر ربك . وتأويل قولهم هذا : صل بأمر ربك لأنه أمره أن يصلي له{[12501]} بقوله : { وأقم الصلاة } [ هود : 114 و . . ] وقوله : { وأقيموا الصلاة } [ البقرة : 43 و . . ] فيكون قوله : { وسبح } أي صل بأمر ربك الذي أمرك بقوله : { وأقم الصلاة } ولولا صرف أهل التأويل /336-أ/ التسبيح في هذه الآية إلى الصلاة ، وإلا يجوز أن يصرف إلى غيرها من الأذكار في كل وقت . لكن صرفوه إلى الصلاة ، لأن الصلاة تشتمل على معان قولا وفعلا ، وسائر الأذكار لا تشتمل إلا على معنى الذكر قولا . فهي أجمع وأشمل لذكره ، والله أعلم .
ثم قوله : { قبل طلوع الشمس } قبل صلاة الفجر { وقبل غروبها } صلاة العصر . وقال بعضهم : { وقبل غروبها } [ صلاة ] {[12502]} الظهر والعصر .
وقوله تعالى : { ومن أناء الليل } قيل : صلاة الفجر والعصر ، فهو على التكرار والإعادة تأكيدا كقوله { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين } [ البقرة : 238 ] [ ذكر الصلوات كلها ] {[12503]} ثم خص الصلاة [ الوسطى بالذكر لتأكيد المعنى ] {[12504]} وجائز أن يكون قوله { وأطراف النهار } تكرارا منه لصلاة الفجر والعصر [ لتأكيد المعنى ] {[12505]} وجائز أن يكون قوله { وأطراف النهار } ليس{[12506]} على إرادة وقت دون وقت ، ولكن يريد به الأوقات كلها . وعلى ذلك يخرج قول من قال في قوله : { وقبل غروبها } صلاة الظهر والعصر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { لعلك ترضى } بالنصب والرفع جميعا{[12507]} أي يرضيك ربك بما عملت ، أو يرضى بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.