تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

{ 47 - 48 } { فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى }

أي : فأتياه بهذين الأمرين ، دعوته إلى الإسلام ، وتخليص هذا الشعب الشريف بني إسرائيل -من قيده وتعبيده لهم ، ليتحرروا ويملكوا أمرهم ، ويقيم فيهم موسى شرع الله ودينه .

{ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ } تدل على صدقنا { فَأَلْقَى } موسى { عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } إلى آخر ما ذكر الله عنهما .

{ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } أي : من اتبع الصراط المستقيم ، واهتدى بالشرع المبين ، حصلت له السلامة في الدنيا والآخرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

ومع الطمأنينة الهداية إلى صورة الدعوة وطريق الجدال :

{ فأتياه فقولا : إنا رسولا ربك . فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم . قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى . إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى } . .

إنه البدء بإيضاح قاعدة رسالتهما : { إنا رسولا ربك } ليشعر منذ اللحظة الأولى بأن هناك إلهاً هو ربه . وهو رب الناس . فليس هو إلهاً خاصاً بموسى وهارون أو ببني إسرائيل ، كما كان سائداً في خرافات الوثنية يومذاك أن لكل قوم إلهاً أو آلهة ؛ ولكل قبيل إلهاً أو آلهة . أو كما كان سائداً في بعض العصور من أن فرعون مصر إله يعبد فيها لأنه من نسل الآلهة .

ثم إيضاح لموضوع رسالتهما : { فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم } . . ففي هذه الحدود كانت رسالتهما إلى فرعون . لاستنقاذ بني إسرائيل ، والعودة بهم إلى عقيدة التوحيد ، وإلى الأرض المقدسة التي كتب الله لهم ان يسكنوها ( إلى أن يفسدوا فيها ، فيدمرهم تدميراً ) .

ثم استشهاد على صدقهما في الرسالة : { قد جئناك بآية من ربك } تدل على صدقنا في مجيئنا إليك بأمر ربك ، في هذه المهمة التي حددناها .

ثم ترغيب واستمالة : { والسلام على من اتبع الهدى } : فلعله منهم يتلقى السلام ويتبع الهدى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

{ فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ } ، قد تقدم في حديث " الفتون " عن ابن عباس أنه قال : مكثا{[19376]} على بابه حينًا لا يؤذن لهما ، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد .

وذكر محمد بن إسحاق بن يسار : أن موسى وأخاه هارون خرجا ، فوقفا بباب فرعون يلتمسان الإذن عليه وهما يقولان : إنا رسل{[19377]} رب العالمين ، فآذنوا بنا هذا الرجل ، فمكثا فيما بلغني سنتين يَغْدوان ويروحان ، لا يعلم بهما ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما ، حتى دخل عليه بَطَّال له يلاعبه ويُضْحكه ، فقال له : أيها الملك ، إن على بابك رجلا يقول قولا عجيبًا ، يزعم أن له إلهًا{[19378]} غيرك أرسله إليك . قال : ببابي ؟ قال : نعم . قال : أدخلوه ، فدخل ومعه أخوه هارون وفي يده عصاه ، فلما وقف على فرعون قال : إني رسول رب العالمين . فعرفه فرعون .

وذكر السّدّي أنه لما قدم بلاد مصر ، ضاف أمّه وأخاه وهما لا يعرفانه ، وكان طعامهما{[19379]} ليلتئذ الطعثلل{[19380]} وهو اللفت ، ثم عرفاه وسلما عليه ، فقال له موسى : يا هارون ، إن ربي قد أمرني أن آتي هذا الرجل فرعون فأدعوه إلى الله ، وأمر{[19381]} أن تعاونني . قال : افعل ما أمرك ربك . فذهبا ، وكان ذلك ليلا فضرب موسى باب القصر بعصاه ، فسمع فرعون فغضب وقال{[19382]} من يجترئ على هذا الصنيع ؟ فأخبره السدنة والبوابون{[19383]} بأن هاهنا رجلا مجنونًا يقول : إنه رسول الله . فقال : عليّ به . فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر{[19384]} الله في كتابه .

وقوله : { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ } أي : بدلالة ومعجزة من ربك ، { وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } أي : والسلام عليك إن اتبعت الهدى .

ولهذا لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم [ كتابًا ، كان أوله : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ]{[19385]} سلام على من اتبع الهدى . أما بعد ، [ فإني أدعوك بدعاية الإسلام ]{[19386]} فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين " .

وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا صُورَتُه : " من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك . أما بعد ، فإني قد أشركت{[19387]} في الأمر مَعَكَ ، فلك المدر{[19388]} ولي الوبر ، ولكن قريش{[19389]} قوم يعتدون " . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " {[19390]} .

ولهذا قال موسى وهارون ، عليهما السلام ، لفرعون : { وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى } .


[19376]:في ف: "عن ابن عباس أنهما مكثا في بابه"، وفي أ: عن ابن عباس أنه قال: مكثا في بابه".
[19377]:في أ: "رسول".
[19378]:في أ: "أن له إله" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
[19379]:في أ: "وكان طعامهم".
[19380]:في أ: "الطفسل".
[19381]:في ف، أ: "وأمرك".
[19382]:في ف، أ: "فقال".
[19383]:في أ: "والبوابين" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
[19384]:في ف: "ذكره".
[19385]:زيادة من ف، أ.
[19386]:زيادة من ف، أ.
[19387]:في ف، أ: "اشتركت".
[19388]:في أ: "فلك الدر".
[19389]:في ف، أ: "قريشا".
[19390]:السيرة النبوية لابن هشام (2/600).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

وقوله : " فَأْتِياهُ فَقُولا إنّا رَسُولا رَبّكَ " أرسلنا إليك يأمرك أن ترسل معنا بني إسرائيل ، فأرسلهم معنا ولا تعذّبهم بما تكلفهم من الأعمال الرديئة قَدْ جِئْناكَ بآيَةٍ معجزة مِنْ رَبّكَ على أنه أرسلنا إليك بذلك ، إن أنت لم تصدّقنا فيما نقول لك أريناكها ، " والسّلامُ عَلى مَنِ اتّبَعَ الهُدَى " يقول : والسلامة لمن اتبع هدى الله ، وهو بيانه . يقال : السلام على من اتبع الهدى ، ولمن اتبع بمعنى واحد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأۡتِيَاهُ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَٰكَ بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰٓ} (47)

المعنى { فأتيا } فرعون فأعلماه أنكما رسولاي إليه وعبر بفرعون تحقيراً له إذ كان هو يدعي الربوبية ثم أمر بدعوته إلى أن يبعث معهما بني إسرائيل ويخرجهم من غل خدمة القبط وقد تقدم في هذه الآية دعاؤه إلى الإيمان وهذه جملة ما دعي إليه فرعون والإيمان وإرسال بني إسرائيل ، والظاهر أن رسالته إليه ليست على حد إرساله إلى بني إسرائيل ، وتعذيب بني إسرائيل كان ذبح أولادهم وتسخيرهم وإذلالهم والآية التي أحالا عليها هي العصا واليد وقالا { جئناك } والجائي بها موسى تجوزاً من حيث كانا مشتركين وقوله عليه السلام { من اتبع الهدى } يحتمل أن يكون آخر كلام وفصله فيقوى أن يكون السلام بمعنى التحية كأنهما رغباً بها عنه وجريا على العرف في التسليم عند الفراغ من القول فسلما على متبع الهدى وفي هذا توبيخ له ع : وعلى هذه الجهة استعمل الناس هذه الآية في مخاطبتهم ومحاوراتهم ويحتمل أن يكون في درج القول متصلاً بقوله { إنا قد أوحي إلينا } فيقوى على هذا أن يكون خبراً بأن السلامة للمهتدين ، وهذان المعنيان قالت كل واحد منهما فرقة ، لكن دون هذا التلخيص ، وقالوا { السلام } بمعنى السلامة وعلى بمعنى اللام أي السلام ل { من اتبع الهدى } .