تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة المؤمن مكية

{ 1 - 3 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }

يخبر تعالى عن كتابه العظيم وبأنه صادر ومنزل من الله ، المألوه المعبود ، لكماله وانفراده بأفعاله .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة غافر مكية وآياتها خمس وثمانون

هذه السورة تعالج قضية الحق والباطل . قضية الإيمان والكفر . قضية الدعوة والتكذيب وأخيراً قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق ، وبأس الله الذي يأخذ العالين المتجبرين . . وفي ثنايا هذه القضية تلم بموقف المؤمنين المهتدين الطائعين ونصر الله إياهم ، واستغفار الملائكة لهم ، واستجابة الله لدعائهم ، وما ينتظرهم في الآخرة من نعيم .

وجو السورة كله - من ثم - كأنه جو معركة . وهي المعركة بين الحق والباطل ، وبين الإيمان والطغيان ، وبين المتكبرين المتجبرين في الأرض وبأس الله الذي يأخذهم بالدمار والتنكيل . تنسم خلال هذا الجو نسمات الرحمة والرضوان حين يجيء ذكر المؤمنين !

ذلك الجو يتمثل في عرض مصارع الغابرين ، كما يتمثل في عرض مشاهد القيامة - وهذه وتلك تتناثر في سياق السورة وتتكرر بشكل ظاهر - وتعرض في صورها العنيفة المرهوبة المخيفة متناسقة مع جو السورة كله ، مشتركة في طبع هذا الجو بطابع العنف والشدة .

ولعله مما يتفق مع هذه السمة افتتاح السورة بإيقاعات ذات رنين خاص : ( غافر الذنب . وقابل التوب . شديد العقاب . ذي الطول . لا إله إلا هو . إليه المصير ) . . فكأنما هي مطارق منتظمة الجرس ثابتة الوقع ، مستقرة المقاطع ، ومعانيها كذلك مساندة لإيقاعها الموسيقي !

كذلك نجد كلمة البأس . وبأس الله . وبأسنا . . مكررة تتردد في مواضع متفرقة من السورة . وهناك غيرها من ألفاظ الشدة والعنف بلفظها أو بمعناها .

وعلى العموم فإن السورة كلها تبدو وكأنها مقارع ومطارق تقع على القلب البشري وتؤثر فيه بعنف وهي تعرض مشاهد القيامة ومصارع الغابرين . وقد ترق أحياناً فتتحول إلى لمسات وإيقاعات تمس هذا القلب برفق ، وهي تعرض حملة العرش ومن حوله يدعون ربهم ليتكرم على عباده المؤمنين ، أو وهي تعرض عليه الآيات الكونية والآيات الكامنة في النفس البشرية .

ونضرب بعض الأمثال التي ترسم جو السورة وظلها من هذه وتلك . .

من مصارع الغابرين : ( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق . فأخذتهم . فكيف كان عقاب ? ) . . ( أو لم يسيروا في الأرض ، فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ، كانوا هم أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض ، فأخذهم الله بذنوبهم ؛ وما كان لهم من الله من واق . ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا ، فأخذهم الله ، إنه قوي شديد العقاب ) . .

ومن مشاهد القيامة : ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين . ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) . . ( الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون . . )

ومن اللمسات الندية مشهد حملة العرش في دعائهم الخاشع المنيب : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا . ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم . ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيئات ، ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته . وذلك هو الفوز العظيم ) . .

ومن اللمسات الموحية عرض آيات الله في الأنفس وفي الآفاق : ( هو الذي خلقكم من تراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم يخرجكم طفلاً ، ثم لتبلغوا أشدكم ، ثم لتكونوا شيوخاً . ومنكم من يتوفى من قبل ، ولتبلغوا أجلاً مسمى ، ولعلكم تعقلون . هو الذي يحيي ويميت . فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) . . ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً . إن الله لذو فضل على الناس ، ولكن أكثر الناس لا يشكرون . ذلكم الله ربكم خالق كل شيء . لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ? ) . . ( الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم . ورزقكم من الطيبات . ذلكم الله ربكم . فتبارك الله رب العالمين ) .

وهذه وتلك تصور جو السورة وترسم ظلها ، وتتناسق مع موضوعها وطابعها .

ويجري سياق السورة بموضوعاتها في أربعة أشواط متميزة .

يبدأ الشوط الأول منها بافتتاح السورة بالأحرف المقطعة : ( حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم )تتلوها تلك الإيقاعات الرصينة الثابتة : ( غافر الذنب . وقابل التوب . شديد العقاب ذي الطول . لا إله إلا هو . إليه المصير ) . . ثم تقرر أن الوجود كله مسلم مستسلم لله . وأنه لا يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فيشذون عن سائر الوجود بهذا الجدال . ومن ثم فهم لا يستحقون أن يأبه لهم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مهما تقلبوا في الخير والمتاع . فإنما هم صائرون إلى ما صارت إليه أحزاب المكذبين قبلهم ؛ وقد أخذهم الله أخذاً ، بعقاب يستحق العجب والإعجاب ! ومع الأخذ في الدنيا فإن عذاب الآخرة ينتظرهم هناك . . ذلك بينما حملة العرش ومن حوله يعلنون إيمانهم بربهم ، ويتوجهون إليه بالعبادة ، ويستغفرون للذين آمنوا من أهل الأرض ، ويدعون لهم بالمغفرة والنعيم والفلاح . . وفي الوقت ذاته يعرض مشهد الكافرين يوم القيامة وهم ينادون من أرجاء الوجود المؤمن المسلم المستسلم : ( لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ) . . وهم في موقف الذلة والانكسار بعد الاستكبار ، يقرون بذنبهم ، ويعترفون بربهم ، فلا ينفعهم الاعتراف والإقرار ، إنما يذكرون بما كان منهم من شرك واستكبار . . ومن هذا الموقف بين يدي الله في الآخرة يعود بالناس إلى الله في الدنيا . . ( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً )ويذكرهم لينيبوا إلى ربهم ويوحدوه : ( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) . ويشير إلى الوحي والإنذار بذلك اليوم العصيب . ويستطرد إلى مشهدهم يوم القيامة : ( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء )وقد توارى الجبارون والمتكبرون والمجادلون : ( لمن الملك اليوم ? لله الواحد القهار ) . . ويستمر في عرض صور من هذا اليوم الذي يتفرد الله جل جلاله فيه بالحكم والقضاء . ويتوارى فيه ويضمحل ما يعبدون من دونه ، كما يتوارى الطغاة والفجار . .

ويبدأ الشوط الثاني بلفتة إلى مصارع الغابرين قبلهم . مقدمة لعرض جانب من قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون وهامان وقارون . تمثل موقف الطغيان من دعوة الحق . وتعرض فيها حلقة جديدة لم تعرض في قصة موسى من قبل ، ولا تعرض إلا في هذه السورة . وهي حلقة ظهور رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه . يدفع عن موسى ما هموا بقتله ؛ ويصدع بكلمة الحق والإيمان في تلطف وحذر في أول الأمر ، ثم في صراحة ووضوح في النهاية . ويعرض في جدله مع فرعون حجج الحق وبراهينه قوية ناصعة ؛ ويحذرهم يوم القيامة ، ويمثل لهم بعض مشاهده في أسلوب مؤثر ؛ ويذكرهم موقفهم وموقف الأجيال قبلهم من يوسف - عليه السلام - ورسالته . . ويستطرد السياق بالقصة حتى يصل طرفها بالآخرة . فإذا هم هناك . وإذا هم يتحاجون في النار . وإذا حوار بين الضعفاء والذين استكبروا ، وحوار لهم جميعاً مع خزنة جهنم يطلبون فيه الخلاص . ولات حين خلاص ! وفي ظل هذا المشهد يوجه الله رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى الصبر والثقة بوعد الله الحق ، والتوجه إلى إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار .

فأما الشوط الثالث فيبدأ بتقرير أن الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان إنما يدفعهم إلى هذا كبر في نفوسهم عن الحق ، وهم أصغر وأضأل من هذا الكبر . ويوجه القلوب حينئذ إلى هذا الوجود الكبير الذي خلقه الله ، وهو أكبر من الناس جميعاً . لعل المتكبرين يتصاغرون أمام عظمة خلق الله ؛ وتتفتح بصيرتهم فلا يكونون عمياً : ( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء . قليلاً ما تتذكرون ) . ويذكرهم بمجيء الساعة ، ويوجههم إلى دعوة الله الذي يستجيب للدعاء . فأما الذين يستكبرون فسيدخلون جهنم أذلاء صاغرين . ويعرض في هذا الموقف بعض آيات الله الكونية التي يمرون عليها غافلين . يعرض الليل سكناً والنهار مبصراً . والأرض قراراً والسماء بناء . ويذكرهم بأنفسهم وقد صورهم فأحسن صورهم . ويوجههم إلى دعوة الله مخلصين له الدين . ويلقن الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يبرأ من عبادتهم ، ويعلن نهي ربه له عن آلهتهم ، وأمره له بالإسلام لرب العالمين . ويلمس قلوبهم بأن الله الواحد هو الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة . . وهو الذي يحيي ويميت . ثم يعود فيعجب رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] من أمر الذين يجادلون في الله ؛ وينذرهم عذاب يوم القيامة في مشهد عنيف : ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ) . . وإذ يتخلى عنهم ما أشركوا وينكرون هم أنهم كانوا يعبدون شيئاً ! وينتهي بهم الأمر إلى جهنم يقال لهم : ( ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين ) . . وعلى ضوء هذا المشهد يوجه الله رسوله إلى الصبر مرة أخرى ، والثقة بأن وعد الله حق . سواء أبقاه حتى يشهد بعض ما يعدهم أو توفاه قبل أن يراه . فسيتم الوعد هناك . .

والشوط الأخير في السورة يتصل بالشوط الثالث . فبعد توجيه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] للصبر والانتظار يذكر أن الله قد أرسل رسلاً قبله كثيرين . ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) . . على أن في الكون آيات قائمة ، وبين أيديهم آيات قريبة ؛ ولكنهم يغفلون عن تدبرها . . هذه الأنعام المسخرة لهم . من سخرها ? . وهذه الفلك التي تحملهم أليست آية يرونها ! ومصارع الغابرين ألا تثير في قلوبهم العظة والتقوى ? ويختم السورة بإيقاع قوي على مصرع من مصارع المكذبين ، وهم يرون بأس الله فيؤمنون( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا . سنة الله التي قد خلت في عباده ، وخسر هنالك الكافرون ) . . هذا الختام الذي يصور نهاية المتكبرين ، ويتفق مع جو السورة وظلها وطابعها الأصيل .

فلنسر الآن مع سياق السورة بالتفصيل . .

( حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب ، وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول ، لا إله إلا هو ، إليه المصير ) . .

هذه السورة بدء سبع سور كلها تبدأ بالحرفين : حا . ميم . منها سورة واحدة يذكر فيها بعد هذين الحرفين ثلاثة حروف أخر : عين . سين . قاف . وقد سبق الحديث عن الأحرف المقطعة في أوائل السور . وأنها إشارة إلى صياغة هذا القرآن منها . وهو معجز لهم مع تيسير هذه الأحرف لهم ومعرفتهم بها ، وهي أحرف لغتهم التي يتحدثونها ويكتبونها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة غافر{[1]}

وهي مكية .

قد كره بعض السلف ، منهم محمد بن سيرين أن يقال : " الحواميم " وإنما يقال : " آل حم " .

قال عبد الله بن مسعود : " آل حم " ديباج القرآن .

وقال ابن عباس : إن لكل شيء لباباً ولُبَاب القرآن " آل حم " - أو قال : الحواميم .

قال مِسْعَر بن كِدَام : كان يقال لهن : " العرائس " .

روى ذلك كله الإمام العَلم{[2]} أبو عُبيد القاسم بن سلام ، رحمه الله ، في كتاب : " فضائل القرآن " . {[3]} وقال حُميد بن زَنْجويه : حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عن عبيد الله {[4]} قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا فمر بأثر غيث فبينا هو يسير فيه ويتعجب [ منه ] {[5]} ، إذ هبط على روضات دَمِثات فقال : عجبت من الغيث الأول ، فهذا أعجب وأعجب فقيل له : إن مثل الغيث الأول مثل عِظَم{[6]} القرآن ، وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات ، مثل آل حم في القرآن . أورده البغوي{[7]} .

وقال ابن لَهِيعة عن يزيد بن أبي حبيب : أن الجرّاح بن أبي الجراح حدثه عن ابن عباس ، قال : لكل شيء لباب ، ولباب القرآن الحواميم{[8]} .

وقال ابن مسعود : إذا وَقعتُ في " آل حم " فقد وقعتُ في روضات أتأنَّق فيهن {[9]} .

وقال أبو عبيد : حدثنا الأشجعي ، حدثنا مِسْعر - هو ابن كِدَام - عمن حدثه : أن رجلا رأى أبا الدرداء [ رضي الله عنه ]{[10]} يبني مسجداً ، فقال له : ما هذا ؟ فقال : أبنيه من أجل " آل حم " {[11]} .

وقد يكون هذا المسجد الذي بناه أبو الدرداء هو المسجد المنسوب إليه داخل قلعة دمشق . وقد يكون صيانتها وحفظها ببركته وبركة ما وُضع له ، فإن هذا الكلام يدل على النصر على الأعداء ، كما قال رسول الله {[12]} صلى الله عليه وسلم لأصحابه في بعض الغزوات : " إن بَيّتم الليلة فقولوا : حم ، لا ينصرون " وفي رواية : " لا تنصرون " {[13]} .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن الحكم بن ظَبْيان بن خَلف المازني ، ومحمد بن الليث الهمداني قالا حدثنا موسى بن مسعود ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ، عن زرارة بن مصعب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هُرَيرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ آية الكرسي وأول حم المؤمن ، عُصِم ذلك اليوم من كل سوء " .

ثم قال : لا نعلمه يُروى إلا بهذا الإسناد . ورواه الترمذي من حديث المليكي ، وقال : تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه{[14]} .

أما الكلام على الحروف المقطعة ، فقد تقدم في أول " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وقد قيل : إن { حم } اسم من أسماء الله عز وجل ، وأنشدوا في ذلك{[25400]} :

يُذَكِّرُني حامِيمَ والرمحُ شَاجرٌ*** فَهَلا تلا حَاميمَ قَبْل التَّقدُّمِ

وقد ورد {[25401]} في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي ، من حديث الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن المهلب بن أبي صُفْرة قال : حدثني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن بَيَّتم الليلة فقولوا : حم ، لا ينصرون " وهذا إسناد صحيح {[25402]} .

واختار أبو عبيد أن يُروى : " فقولوا : حم ، لا ينصروا " أي : إن قلتم ذلك لا ينصروا ، جعله جزاء لقوله : فقولوا .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).
[7]:في د: "ومال".
[8]:في د: "أن يعذب".
[9]:في د: "اللهم إني أعوذ بك".
[10]:في د: "لا يحتسبون".
[11]:في د: "وجلس".
[12]:في د: "فإذا هو بسمكة".
[13]:في د: "الغالبة".
[14]:في د: "وضربوهما".
[25400]:- (2) البين في تفسير الطبري (24/26) وفي صحيح البخاري (8/553) "فتح" منسوبا إلى شريح بن أوفى العبسي.
[25401]:- (3) في أ: "روى".
[25402]:- (4) سنن أبي داود برقم (2597) وسنن الترمذي برقم (1682).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { حمَ * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذّنبِ وَقَابِلِ التّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطّوْلِ لاَ إِلََهَ إِلاّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } .

اختلف أهل التأويل في معنى قوله حم فقال بعضهم : هو حروف مقطعة من اسم الله الذي هو الرحمن الرحيم ، وهو الحاء والميم منه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عبد الله بن أحمد بن شبّويه المروَزي ، قال : حدثنا عليّ بن الحسن ، قال : ثني أبي ، عن يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : الر ، وحم ، ون ، حروف الرحمن مقطعة .

وقال آخرون : هو قسم أقسمه الله ، وهو اسم من أسماء الله . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : حم : قسم أقسمه الله ، وهو اسم من أسماء الله .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله حم : من حروف أسماء الله .

وقال آخرون : بل هو اسم من أسماء القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة حم قال : اسم من أسماء القرآن .

وقال آخرون : هو حروف هجاء .

وقال آخرون : بل هو اسم ، واحتجوا لقولهم ذلك بقول شريح بن أوفَى العبسي :

يُذَكّرُنِي حامِيمَ والرّمْحُ شاجِرٌ *** فَهَلاّ تَلا حم قَبْلَ التّقَدّمِ

وبقول الكُمَيت :

وَجَدْنا لَكُمْ فِي آلِ حامِيم آيَةً *** تَأَوّلَها مِنّا تَقِيّ وَمُعْرِبُ

وحُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال : قال يونس ، يعني الجرمي : ومن قال هذا القول فهو منكَر عليه ، لأن السورة حم ساكنة الحروف ، فخرجت مخرج التهجي ، وهذه أسماء سور خرجت متحركات ، وإذا سميت سورة بشيء من هذه الأحرف المجزومة دخلهُ الإعراب .

والقول في ذلك عندي نظير القول في أخواتها ، وقد بيّنا ذلك ، في قوله : الم ، ففي ذلك كفاية عن إعادته في هذا الموضع ، إذ كان القول في حم ، وجميع ما جاء في القرآن على هذا الوجه ، أعني حروف التهجي قولاً واحدا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة غافر مكية وآيها خمس وثمانون .

بسم الله الرحمن الرحيم { حم } أماله ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر صريحا ، ونافع برواية ورش وأبو عمرو بين بين ، وقرئ بفتح الميم على التحريك لالتقاء الساكنين ، أو النصب بإضمار اقرأ ومنع صرفه للتعريف والتأنيث ، أو لأنها على زنة أعجمي كقابيل وهابيل .