السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

مكية قال الحسن : إلا قوله : { وسبح بحمد ربك } لأن الصلوات نزلت بالمدينة ، وقد قيل في الحواميم : أنها كلها مكية عن ابن عباس وابن الحنفية ، وتسمى : سورة الطول وسورة غافر وهي : خمس وقيل : اثنتان وثمانون آية وألف ومائة وتسع وتسعون كلمة وأربع آلاف وتسعمائة وستون حرفاً .

{ بسم الله } الملك الأعظم الذي يعطي كلاً من عباده ما يستحقه فلا يقدر أحد أن يناقض في شيء من ذلك ولا يعارض . { الرحمان } الذي عمهم برحمته في الدنيا بالخلق والرزق والبيان الذي لا خفاء معه . { الرحيم } الذي يخص برحمته من يشاء من عباده فيجعله حكيماً وفي ملك الأرض وملكوت السماوات عليماً .

وقوله تعالى : { حم } قرأه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة ، وورش وأبو عمرو بين بين والباقون بالفتح وقد سبق الكلام في حروف التهجي ، وقال ابن عباس : { حم } اسم الله الأعظم وعنه قال : الر وحم ون حروف الرحمان مقطعة وقيل : حم اسم السورة ، وقيل : الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان ، وقال الضحاك والكسائي : معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معنى حم : حم بضم الحاء وتشديد الميم ، وهل يجوز أن يجمع حم على حواميم ؟ نقل ابن الجوزي عن شيخه الجواليقي أنه خطأ وليس بصواب بل الصواب أن يقول : قرأت آل حم . وفي الحديث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات » . وقال الكميت :

وجدنا لكم في آل حم آية *** تأولها منا تقي ومعرب

ومنهم من جوزه ، وروي في ذلك أحاديث منها : قوله صلى الله عليه وسلم : «الحواميم ديباج القرآن » . وقوله صلى الله عليه وسلم : «الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع جهنم والحطمة ولظى والسعير وسقر والهاوية والجحيم ، فتجيء كل حم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب فتقول لا يدخل النار من كان يؤمن بي ويقرؤني » . وقوله صلى الله عليه وسلم : «لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حم هن روضات حسان مخصبات متجاورات ، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم » . وقوله صلى الله عليه وسلم : «الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب » . وقال ابن عباس : لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم ، قال ابن عادل : فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك أي : فتدل على جواز الجمع ، وقال البيضاوي في حم السجدة : ولعل افتتاح هذه السبع بحم وتسميتها به لكونها مصدرة بيان الكتاب متشاكلة في النظم والمعنى أي : أخذاً مما قيل إن حم اسم من أسماء القرآن .