سورة غافر مكية ، آياتها خمس وثمانون ، نزلت بعد سورة الزمر ، ويسميها بعضهم " المؤمن " . وهي كسائر السور المكية تعالج قضية التوحيد ، والبعث والوحي والرسالة . ومن أهم ما عالجته قضية الحق والباطل والإيمان والكفر ، وقضية الدعوة والتكذيب ، ووصف الكتاب الكريم ، وأن الله تعالى هو العزيز العليم ، وهو غافر الذنب وقابل التوبة . وهذه هي الصفات التي يتحلى بها دائما ، وأنه على الجاحدين المكذبين شديد العقاب . ثم تمر السورة مرا سريعا بالذين يجادلون في آيات الله بالباطل ، وأنهم هم وما أوتوا وما جادلوا به ليس لهم قيمة وما مصيرهم إلا إلى النار . ثم تصف الملائكة وحملة العرش منهم خاصة ، وكيف يسبّحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ، كما تذكر استجابة الله لدعائهم ، وما ينتظر المؤمنين في الآخرة من نعيم .
وتتحدث السورة في أكثر من موضع عن آيات الله وقدرته في السموات والأرض ، ودعوة الناس إلى توحيده بالعبادة . { فادْعوا الله مخلصين له الدين } . وقد اشتملت السورة في عدد من آياتها على التذكير باليوم الآخر : { وأنذرهم يوم الآزفة ، إذِ القلوب لدى الحاجر كاظمين } .
وجوّ السورة كله جوّ المعركة بين الحق والباطل ، وبين الإيمان والطغيان ، وبين المتكبرين المتجبرين في الأرض ، وبأس الله الذي يأخذهم بالدمار والعذاب . وتجد بين ذلك استراحات لطيفة من جوّ نسمات الرحمة والرضوان حين يجيء ذكر المؤمنين .
وكما ذكرت في مقدمة الكلام فإن السورة افتتحت بقوله تعالى { غافر الذنب وقابل التوب } فالله سبحانه وتعالى تغلب عنده صفاتُ الرحمة والرأفة على صفات العذاب والعقاب ، وبذلك سميت سورة " غافر " .
وفي أثناء السورة يقع الحديث عن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقومه ، ويأتي فيها ذكر رجل مؤمن من آل فرعون يُخفي إيمانه ، يَصْدَع بكلمة الحق في تلطف وحذر ، ثم في صراحة ووضوح . وهو ينصح قومه ألاّ يقتلوا موسى ، ويذكّرهم بعذاب الله وانتقامه . . ولكن فرعون لا يسمع له ، ويظل على استبداده وتجبره وطغيانه . ويكرر الرجل المؤمن نصائحه ولكن لا أحد يسمع له . وتنتهي القصة بهلاك فرعون وأتباعه ، ونجاة المؤمن ، الذي يقول لهم : { يا قوم ، مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار . . . } إلى أن يقول لهم : { فستذكرون ما أقول لكم ، وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد } . وتختم القصة بنجاته وهلاك فرعون وآله { فوقاه الله سيئات ما مكروا ، وحاق بآل فرعون سوء العذاب . . . } .
وفي جو السورة عرض لمصارع الغابرين ، وعرض لمشاهدَ من القيامة ، وتتكرر آياتها بشكل ظاهر . وهي تعرض في صورها العنيفة المخيفة تلك المشاهدَ متناسقة مع جو السورة كله ، مثل طلب أهل النار الخروجَ منها لشدة الهول ، ورفض طلبهم ، وغير ذلك مما يدور فيه الحوار .
وتختم السورة بدعوة الناس إلى أن يسيروا في الأرض لينظروا ما حل بالأمم قبلهم ، وكيف كان عاقبة غرورهم بما عندهم من العلم . فلما حل بهم عذاب الله قالوا : آمنا بالله وحده ، وكفرنا بما أشركنا به ، ولكنهم آمنوا بعد فوات الأوان ، { فلم يكُ ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ، سنة الله التي قد خلت في عباده وخَسِرَ هنالك الكافرون } . ولن تجد لسنة الله تبديلا .
حاميم هكذا تقرأ . حرفان من حروف الهجاء ، بدئت بهما السورة للإشارة إلى أن القرآن مؤلف من جنس هذه الحروف ، ومع ذلك عجِز المشركون عن الإتيان بأصغر سورة من مثله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.