الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{حمٓ} (1)

بسم الله الرحمن الرحيم قوله : { حم } : كقوله : { الم } وبابه . وقرأ الأخَوان وأبو بكر وابن ذكوان بإمالة حاء في السورِ السبعِ إمالةً محضةً وورش وأبو عمرو بالإِمالة بينَ بينَ ، والباقون بالفتح . والعامَّةُ على سكونِ الميم كسائرِ الحروفِ المقطعة . وقرأ الزهري برفعِ الميم على أنَّها خبرُ مبتدأ مضمرٍ ، أو مبتدأٌ والخبرُ ما بعدها . وابن أبي إسحاق وعيسى بفتحِها ، وهي تحتملُ وجهين ، أحدهما : أنها منصوبةٌ بفعلٍ مقدرٍ أي : اقرأ حم ، وإنما مُنِعَتْ من الصرف للعلميَّةِ والتأنيثِ ، أو للعلميَّة وشبهِ العُجمة . وذلك أنه ليس في الأوزان العربيةِ وزنُ فاعيل بخلافِ الأعجمية ، نحو : قابيل وهابيل . والثاني : أنها حركةُ بناءٍ تخفيفاً ك أينَ وكيف . وفي احتمال هذين الوجهين قولُ الكميت :

3908 وَجَدْنا لكم في آلِ حَمَ آيةً *** تَأَوَّلَها منا تقيٌّ ومُعْرِبُ

وقول شريح بن أوفى :

3909 يُذَكِّرُني حمَ والرُّمْحُ شاجِرٌ *** فهلا تلا حمَ قبلَ التقدُّمِ

وقرأ أبو السَّمَّال بكسرِها ، وهل يجوزُ أَنْ تُجْمَعَ " حم " على حواميم ، نَقَل ابنُ الجوزي عن شيخِه الجواليقي أنه خطأٌ ، بل الصوابُ أَنْ يقولَ : قَرَأْتُ آلَ حم . وفي الحديث عن ابن مسعود عنه عليه السلام : " إذا وَقَعْتَ في آلِ حم وَقَعْتَ في رَوْضَاتٍ " وقال الكميت :

3910 وَجَدْنا لكم في آلِ حم . . . *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

البيت . ومنهم مَنْ جَوَّزَه . ورُويَ في ذلك أحاديثُ منها : " الحواميم ديباجُ القرآن " ومنها : " مَنْ أرادَ أَنْ يرتعَ في رياضٍ مُوْنَقَةٍ من الجنة فليقرأْ الحواميم " ومنها : " مَثَلُ الحواميم في القرآن مَثَلُ الحَبِرات في الثياب " فإنْ صَحَّتْ هذه الأحاديثُ فهي الفَيْصَلُ في ذلك .