البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة غافر

سبع الحواميم مكيات ، قالوا بإجماع .

وقيل : في بعض آيات هذه السور مدني .

قال ابن عطية : وهو ضعيف .

وفي الحديث : « أن الحواميم ديباج القرآن » وفيه : « من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم » ، وفيه : « مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب وهذه الحواميم مقصورة على المواعظ والزجر وطرق الآخرة وهي قصار لا تلحق فيها سآمة »

0

0

وقرئ : بفتح الحاء ، اختيار أبي القاسم بن جبارة الهذلي ، صاحب كتاب : ( الكامل في القرآن ) ، وأبو السمال : بكسرها على أصل التقاء الساكنين ، وابن أبي إسحاق وعيسى : بفتحها ، وخرج على أنها حركة التقاء الساكنين ، وكانت فتحة طلباً للخفة كأين ، وحركة إعراب على انتصابها بفعل مقدر تقديره : اقرأ حم .

وفي الحديث : « أن أعرابياً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حم ما هو ؟ فقال : أسماء وفواتح سور » ، وقال شريح بن أبي أوفى العبسي :

يذكرني حاميم والرمح شاجر *** فهلا تلا حاميم قبل التقدم

وقال الكميت :

وجدنا لكم في آل حميم آية *** تأولها منا تقي ومعرب

أعربا حاميم ، ومنعت الصرف للعلمية ، أو العلمية وشبه العجمة ، لأن فاعيل ليس من أوزان أبنية العرب ، وإنما وجد ذلك في العجم ، نحو : قابيل وهابيل .

وتقدم فيما روي في الحديث جمع حم على الحواميم ، كما جمع طس على الطواسين .

وحكى صاحب زاد المسير عن شيخه ابن منصور اللغوي أنه قال : من الخطأ أن تقول : قرأت الحواميم ، وليس من كلام العرب ؛ والصواب أن يقول : قرأت آل حم .

وفي حديث ابن مسعود : « إذا وقعت في آل حميم وقعت في روضات دمثات » انتهى .

فإن صح من لفظ الرسول أنه قال : « الحواميم كان حجة على من منع ذلك » ، وإن كان نقل بالمعنى ، أمكن أن يكون من تحريف الأعاجم .

ألا ترى لفظ ابن مسعود : « إذا وقعت في آل حميم » ، وقول الكميت : وجدنا لكم في آل حاميم ؟ وتقدم الكلام على هذه الحروف المقطعة في أول البقرة ، وقد زادوا في حاميم أقوالاً هنا ، وهي مروية عن السلف ، غنينا عن ذكرها ، لاضطرابها وعدم الدليل على صحة شيء منها .

فإن كانت حم اسماً للسورة ، كانت في موضع رفع على الابتداء ، وإلا فتنزيل مبتدأ ، ومن الله الخبر ، أو خبر ابتداء ، أي هذا تنزيل ، ومن الله متعلق بتنزيل .