تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

{ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ } فضربه { فَانْفَلَقَ } اثني عشر طريقا { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ } أي : الجبل { الْعَظِيمِ } فدخله موسى وقومه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

10

وفي اللحظة الأخيرة ينبثق الشعاع المنير في ليل اليأس والكرب ، وينفتح طريق النجاة من حيث لا يحتسبون :

( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ) . .

ولا يتمهل السياق ليقول إنه ضرب بعصاه البحر . فهذا مفهوم . إنما يعجل بالنتيجة :

( فانفلق . فكان كل فرق كالطود العظيم ) . .

ووقعت المعجزة ، وتحقق الذي يقول عنه الناس : مستحيل . لأنهم يقيسون سنة الله على المألوف المكرور . والله الذي خلق السنن قادر على أن يجريها وفق مشيئته عندما يريد .

وقعت المعجزة وانكشف بين فرقي الماء طريق . ووقف الماء على جانبي الطريق كالطود العظيم . واقتحم بنو إسرائيل . .

ووقف فرعون من جنوده مبغوتا مشدوها بذلك المشهد الخارق ، وذلك الحادث العجيب .

ولا بد أن يكون قد وقف مبهوتا فأطال الوقوف - وهو يرى موسى وقومه يعبرون الخضم في طريق مكشوف - قبل أن يأمر جنوده بالاقتحام وراءهم في ذلك الطريق العجيب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

وقوله : كَلاّ إن مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ قال موسى لقومه : ليس الأمر كما ذكرتم ، كلا لن تدركوا إن معي ربي سيهدين ، يقول : سيهدين لطريق أنجو فيه من فرعون وقومه . كما :

حدثني ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد ، قال : لقد ذُكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دُهم الخيل ، سوى ما في جنده من شِيَة الخيل ، وخرج موسى حتى إذا قابله البحر ، ولم يكن عنه منصرف ، طلع فرعون في جنده من خلفهم فَلَمّا تَرَاءَى الجَمْعانِ قالَ أصْحابُ مُوسَى إنّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلا إنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ أي للنجاة ، وقد وعدني ذلك ، ولا خُلف لموعوده .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ قالَ كَلاّ إنّ مَعِيَ رَبّي سَيَهْدِينِ يقول : سيكفيني ، وقال : عَسَى رَبكُمْ أنْ يُهْلِكَ عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، وقوله فَأَوْحَيْنا إلى مُوسَى أنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ البَحْرَ فانْفَلَقَ ذكر أن الله كان قد أمر البحر أن لا ينفلق حتى يضربه موسى بعصاه . )

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : فتقدّم هارون فضرب البحر ، فأبى ينفتح ، وقال : من هذا الجبار الذي يضربني ، حتى أتاه موسى فكناه أبا خالد ، وضربه فانفلق .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، قال : أوحى الله فيما ذكر إلى البحر : إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له ، قال : فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من الله ، وانتظار أمره ، وأوحى الله إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر ، فضربه بها وفيها سلطان الله الذي أعطاه ، فانفلق .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، ظن سليمان التيمي ، عن أبي السليل ، قال : لما ضرب موسى بعصاه البحر ، قال : إيها أبا خالد ، فأخذه أَفْكَلٌ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جرَيج ، وحجاج عن أبي بكر بن عبد الله وغيره ، قالوا : لما انتهى موسى إلى البحر وهاجت الريح والبحر يرمي بثيّاره ، ويموج مثل الجبال ، وقد أوحى الله إلى البحر أن لا ينفلق حتى يضربه موسى بالعصا ، فقال له يوشع : يا كليم الله أين أمرت ؟ قال : ههنا ، قال : فجاز البحر ما يواري حافره الماء ، فذهب القوم يصنعون مثل ذلك ، فلم يقدروا ، وقال له الذي يكتم إيمانه : يا كليم الله أين أمرت ؟ قال : ههنا ، فكبح فرسه بلجامه حتى طار الزبد من شدقيه ، ثم قحمه البحر فأرسب في الماء ، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ، فضرب بعصاه موسى البحر فانفلق ، فإذا الرجل واقف على فرسه لم يبتلّ سرجه ولا لبده .

وقوله : فَكان كُلّ فِرْقٍ كالطّوْدِ العَظِيمِ يقول تعالى ذكره : فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم . وذُكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط ، لكل سبط منهم فرق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فانْفَلَقَ فَكانَ كُلّ فِرْقٍ كالطّوْدِ العَظِيمِ يقول : كالجبل العظيم ، فدخلت بنو إسرائيل ، وكان في البحر اثنا عشر طريقا ، في كل طريق سبط ، وكان الطريق كما إذا انفلقت الجدران ، فقال : كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان ، فنظر آخرهم إلى أوّلهم حتى خرجوا جميعا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، وحجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله وغيره قالوا : انفلق البحر ، فكان كل فرق كالطود العظيم ، اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط ، وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطا ، وكانت الطرق بجدران ، فقال كل سبط : قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى ، دعا الله فجعلها لهم بقناطر كهيئة الطيقان ، ينظر بعضهم إلى بعض ، وعلى أرض يابسة كأن الماء لم يصبها قطّ حتى عبر .

قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : لما انفلق البحر لهم صار فيه كوى ينظر بعضهم إلى بعض .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق فَكان كُلّ فِرْقٍ كالطّوْدِ العَظِيمِ أي كالجبل على نشَز من الأرض .

حدثني عليّ ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله فَكان كُلّ فِرْقٍ كالطّوْدِ العَظِيمِ يقول : كالجبل .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله كالطّوْدِ العَظِيمِ قال : كالجبل العظيم ومنه قول الأسود بن يعفر :

حَلّوا بأنْقِرَةٍ يَسيلُ عَلَيْهِمُ *** ماء الفُرَاتِ يَجيءُ مِنْ أطْوَادِ

يعني بالأطواد : جمع طود ، وهو الجبل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

{ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر } بحر القلزم أو النيل . { فانفلق } أي فضرب فانفلق وصار اثني عشر فرقا بينهما مسالك . { فكان كل فرق كالطود العظيم } كالحبل المنيف الثابت في مقره فدخلوا في شعابها كل سبط في شعب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

لما عظم البلاء على بني إسرائيل أمر موسى أن يضرب البحر بعصاه ، وذلك لأنه عز وجل أراد أن تكون الآية متصلة بموسى ومتعلقة بفعل فعله وإلا فضرب العصا ليس بفالق للبحر ولا معين على ذلك بذاته إلا بما اقترن به من قدرة الله واختراعه ، ولا انفلق البحر صار فيه اثنا عشر طريقاً على عدد أسباط بني إسرائيل ، ووقف الماء ساكناً كالجبل العظيم ، و " الطود " : الجبل{[8941]} ، وروي عن ابن جريج والسدي وغيرهما أن بني إسرائيل ظن كل فريق منهم أن الباقي قد غرق ، فأمر الله الماء فصار كالشراجب والطيقان وراء بعضهم بعضاً فتأنسوا{[8942]} .


[8941]:ومنه قول امرىء القيس: فبينا المرء في الأحياء طود رماه الناس عن كثب فمالا وقول الأسود بن يعفر: حلوا بأنقرة يسيل عليهم ماء الفرات يجيء من أطواد
[8942]:يريد: تأسى كل فريق منهم بالآخر، أي: اتخذه أسوة واقتدى به في عبور البحر.