تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

{ 21 - 22 } { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ }

يقول تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ } أي : بقلوبهم وأبدانهم سير نظر واعتبار ، وتفكر في الآثار ، { فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ } من المكذبين ، فسيجدونها شر العواقب ، عاقبة الهلاك والدمار والخزي والفضيحة ، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء في الْعَدَد والْعُدَد وكبر الأجسام . { و } أشد { آثارا في الأرض } من البناء والغرس ، وقوة الآثار تدل على قوة المؤثر فيها وعلى تمنعه بها . { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ } بعقوبته بذنوبهم حين أصروا واستمروا عليها .

{ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } فلم تغن قوتهم عند قوة اللّه شيئًا ، بل من أعظم الأمم قوة ، قوم عاد الذين قالوا : { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أرسل اللّه إليهم ريحا أضعفت قواهم ، ودمرتهم كل تدمير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

21

( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ، كانوا هم أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض ، فأخذهم الله بذنوبهم . وما كان لهم من الله من واق . ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات ، فكفروا ، فأخذهم الله ، إنه قوي شديد العقاب . . )

هذا المعبر بين قصة موسى - عليه السلام - وموضوع السورة قبلها يذكر المجادلين في آيات الله من مشركي العرب بعبرة التاريخ قبلهم ؛ ويوجههم إلى السير في الأرض ، ورؤية مصارع الغابرين ، الذين وقفوا موقفهم . وكانوا أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض . ولكنهم - مع هذه القوة والعمارة - كانوا ضعافاً أمام بأس الله . وكانت ذنوبهم تعزلهم عن مصدر القوة الحقيقية ، وتستعدي عليهم قوى الإيمان ومعها قوة الله العزيز القهار : ( فأخذهم الله بذنوبهم . وما كان لهم من الله من واق ) . . ولا واقي إلا الإيمان والعمل الصالح والوقوف في جبهة الإيمان والحق والصلاح .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُواْ هُمۡ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَءَاثَارٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَآثَاراً فِي الأرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ } .

يقول تعالى ذكره : أو لم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم بالله ، المكذّبون رسوله من قريش ، في البلاد ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ يقول : فيروا ما الذي كان خاتمة أمم الذين كانوا من قبلهم من الأمم الذين سلكوا سبيلهم ، في الكفر بالله ، وتكذيب رسله كانُوا هُمْ أشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً يقول : كانت تلك الأمم الذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشا ، وأبقى في الأرض آثارا ، فلم تنفعهم شدّة قواهم ، وعظم أجسامهم ، إذ جاءهم أمر الله ، وأخذهم بما أجرموا من معاصيه ، واكتسبوا من الاَثام ، ولكنه أباد جمعهم ، وصارت مساكنهم خاوية منهم بما ظلموا وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ وَاق يقول : وما كان لهم من عذاب الله إذ جاءهم ، من واق يقيهم ، فيدفعه عنهم ، كالذي :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهُ مِنْ وَاق يقيهم ، ولا ينفعهم .