تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

{ 75 } { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا }

لما ذكر دليلهم الباطل ، الدال على شدة عنادهم ، وقوة ضلالهم ، أخبر هنا ، أن من كان في الضلالة ، بأن رضيها لنفسه ، وسعى فيها ، فإن الله يمده منها ، ويزيده فيها حبا ، عقوبة له على اختيارها على الهدى ، قال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ حَتَّى إِذَا رَأَوْا } أي : القائلون : { أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا } { مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ } بقتل أو غيره { وَإِمَّا السَّاعَةَ } التي هي باب الجزاء على الأعمال { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا } أي : فحينئذ يتبين لهم بطلان دعواهم ، وأنها دعوى مضمحلة ، ويتيقنون أنهم أهل الشر ، { وَأَضْعَفُ جُنْدًا } ولكن لا يفيدهم هذا العلم شيئا ، لأنه لا يمكنهم الرجوع إلى الدنيا ، فيعملون غير عملهم الأول .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

يعقب السياق بتلك اللفتة ثم يأمر الرسول [ ص ] أن يدعو عليهم في صورة مباهلة - بأن من كان من الفريقين في الضلالة فليزده الله مما هو فيه ؛ حتى يأتي وعده في الدنيا أو في الآخرة :

( قل : من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ، حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ، ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا ) . .

فهم يزعمون أنهم أهدى من أتباع محمد [ ص ] لأنهم أغنى وأبهى . فليكن ! وليدع محمد ربه أن يزيد الضالين من الفريقين ضلالا ، وأن يزيد المهتدين منهما اهتداء . . حتى إذا وقع ما يعدهم ؛ وهو لا يعدو أن يكون عذاب الضالين في الدنيا بأيدي المؤمنين ، أو عذابهم الأكبر يوم الدين - فعندئذ سيعرفون : أي الفريقين شر مكانا وأضعف جندا .