الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

ثم قال تعالى : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا }[ 75 ] .

أي : قل يا محمد لهؤلاء القائلين – إذا تتلى عليهم آياتنا بينات – أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا من كان منا ومنكم في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا . فهو لفظ أمر ، ومعناه الخبر . أي : جعل الله جزاء ضلالته في الدنيا أن يطول له فيها{[44619]} ، ويمد له كما قال تعالى : { ونذرهم في طغيانهم يعمهون }{[44620]} . لأن{[44621]} لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر ، كأن المتكلم يلزمه نفسه ، كأنه نفسه يقول : أفعل ذلك وآمر نفسي به{[44622]} . فهو أبلغ . فلذلك أتى به على الخبر{[44623]} .

ومعناه : فليعش ما شاء ، وليوسع لنفسه في العمر ، فإن مصيره إلى الموت والعذاب .

قال ابن نجيح معناه : فليدعه في طغيانه{[44624]} .

ثم قال تعالى : { /حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب }[ 76 ] .

يعني به النصر ، فيعذبوا بالقتل والسبي .

( وإما الساعة ) يعني يوم القيامة ، فيصيرون إلى النار . و( إما ) للتخيير{[44625]} . وهي{[44626]} عند المبرد إن زيدت عليها ( ما ) . واستدل على ذلك أن الشاعر إذا اضطر ، جاز له حذف ( ما ) . وليست عند غيره إلا حرفا واحدا . ولم يختلفوا فيها في{[44627]} العطف أنها حرف واحد{[44628]} .

وقال{[44629]} أبو العباس : إذا قلت ضربت إما زيدا وإما عمرا ، فالأولى دخلت لبنية{[44630]} الكلام على الشك ، والثانية للعطف .

وقال ابن كيسان{[44631]} : ( إما ) : للشك والتخيير ، والواو هي العاطفة .

وأجاز الكسائي : إما زيد قائم على النفي بجعل ( إما ) بمنزلة ( ما ) .

وأجاز الفراء أن تأتي ( إما ) مفردة بمنزلة ( أو ) قوله : { فسيعلمون من هو شر مكانا }[ 76 ] .

أي : مسكنا ، منكم ومنهم .

{ وأضعف جندا } أهم ؟ أم أنتم ؟ يعني : إذا نصر الله المؤمنين .

فأما قراءة طلحة ، فإنما يجوز على تقدير . القلب وإلقاء حركة الهمزة على الياء بعد القلب .


[44619]:فيها سقطت من ز.
[44620]:الأنعام: آية 111.
[44621]:ز: إلا أن، (تحريف).
[44622]:به سقطت من ز.
[44623]:ز: بعد الخبر.
[44624]:جامع البيان 16/119 وفي ز فليدعهم في طغيانهم.
[44625]:ز: التخيير. (تحريف).
[44626]:ز: هو.
[44627]:ز: فيها للعطف.
[44628]:واحد سقطت من ز.
[44629]:ز: قال بإسقاط الواو.
[44630]:ز: ابنت، (تحريف).
[44631]:هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن كيسان، أبو الحسن النحوي (ت299 هـ) انظر: ترجمته في بغية الوعاة 1/18.