قوله : { مَن كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ } : " مَنْ " يجوز ان تكونَ شرطيةً ، وهو الظاهر ، وأن تكونَ موصولةً ، ودخلت الفاءُ في الخبرِ لِما تَضَمَّنه الموصولُ مِنْ معنى الشرط . وقولُه : " فَلْيَمْدُدْ " فيه وجهان ، أحدُهما : أنه طَلَبٌ على بابه ، ومعناه الدُّعاءُ . والثاني : لفظُه لفظُ الأمرِ ، ومعناه الخبر . قال الزمخشري : أي : مَدَّ له الرحمنُ ، بمعنى أَمْعَلَه فأُخْرِجَ على لفظِ الأمرِ إيذاناً بوجوبِ ذلك . أو فَمُدَّ له في معنى الدعاء بأن يُمْهِلَه الله ويُنَفِّسَ في مدةِ حياتِه " .
قوله : " حتى إذا " في " حتى " هذه ما تقدَّمَ في نظائرِها مِنْ كونِها : حرفَ جرٍّ أو حرفَ ابتداءٍ ، وإنما الشأنُ فيما هي غايةٌ له على كلا القولين . فقال الزمخشري : " وفي هذه الآيةِ وجهان : أن تكونَ موصولةً ، بالآيةِ التي هي رابِعَتُها ، والآيتان اعتراضٌ بينهما ، أي : قالوا : أيُّ الفريقينِ خيرٌ مقاماً وأَحْسَنُ نَدِيَّاً ، حتى إذا رَأَوْا ما يُوْعَدون ، أي : لا يَبْرَحون يقولون هذا القولَ ويَتَوَلَّعُون [ به ] لا يَتَكَافَوْن عنه إلى أن يُشاهدون الموعودَ رأيَ العينِ " وذكر كلاماً حسناً .
ثم قال : " والثاني : أن تتصلَ بما يليها ، والمعنى أنَّ الذينَ في الضلالةِ ممدودٌ لهم " وذكر كلاماً طويلاً . ثم قال : " إلى أَنْ يُعايِنوا نُصْرَةَ / اللهِ للمؤمنين ، أو يشاهدوا السَّاعة ومُقَدِّماتها . فإنْ قلت : " حتى " هذه ما هي ؟ قلت : هي التي تُحْكى بعدها الجملُ ، ألا ترى الجملةَ الشرطيةَ واقعةً بعدها ، وهي { إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ . . . فَسَيَعْلَمُونَ } .
قال الشيخ : - مُسْتبعداً للوجه الأول- " وهو في غاية البُعْدِ لطولِ الفَصْلِ بين قولِه : " قالوا أيُّ الفريقينِ " وبين الغايةِ ، وفيه الفصلُ بجملتيْ اعتراَض ولا يُجيزه أبو علي " . وهذا الاستبعادُ قريبٌ . وقال أبو البقاء : " حتى " يُحْكَى ما بعدها ههنا ، وليست متعلقةً بفعلٍ " .
قوله : { إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ } قد عَرَفْتَ [ ما ] في " إمَّا " : من كونِها حرفَ عطفٍ أولا ، ولا خلاف أن أحدَ معانيها التفصيل كما في الآية الكريمة . و " العذابَ " و " الساعةَ " بدلانِ مِنْ قوله : { مَا يُوعَدُونَ } المنصوبةِ ب " رَأَوْا " و " فَسَيَعْلمون " جوابُ الشرط .
و { مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً } يجوز أَنْ تكونَ " مَنْ " موصولةً بمعنى الذي ، وتكونَ مفعولاً ل " يَعْلَمون " . ويجوزُ أَنْ تكونَ استفهاميةً في محلِّ رفعٍ بالابتداء ، و " هو " مبتدأُ ثانٍ ، و " شَرٌّ " خبرُه ، والمبتدأُ والخبرُ خبرُ الأول . ويجوز أَنْ تكونَ الجملةُ مُعَلَّقةً لفعل الرؤيةِ فالجملةُ في محلِّ نصبٍ على التعليق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.