{ قُلْ مَن كَانَ فِي الضلالة } أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب على هؤلاء المفتخرين بحظوظهم الدنيوية ، أي من كان مستقرّاً في الضلالة { فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرحمن مَدّاً } هذا وإن كان على صيغة الأمر ، فالمراد به الخبر ، وإنما خرج مخرج الأمر لبيان الإمهال منه سبحانه للعصاة ، وأن ذلك كائن لا محالة لتنقطع معاذير أهل الضلال ، ويقال لهم يوم القيامة : { أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } [ فاطر : 37 ] . أو للاستدراج كقوله سبحانه : { إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمَاً } [ آل عمران : 178 ] وقيل : المراد بالآية الدعاء بالمد والتنفيس . قال الزجاج : تأويله أن الله جعل جزاء ضلالته أن يتركه ويمدّه فيها ، لأن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر كأن المتكلم يقول : أفعل ذلك وآمر به نفسي { حتى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ } يعني : الذين مدّ لهم في الضلالة ، وجاء بضمير الجماعة اعتباراً بمعنى من ، كما أن قوله : { كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ } اعتبار بلفظها ، وهذه غاية للمدّ ، لا لقول المفتخرين إذ ليس فيه امتداد { إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة } هذا تفصيل لقوله : { ما يوعدون } أي هذا الذي توعدون هو أحد أمرين : إما العذاب في الدنيا بالقتل والأسر ، وإما يوم القيامة وما يحلّ بهم حينئذٍ من العذاب الأخروي { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } هذا جواب الشرط ، وهو جواب على المفتخرين ، أيّ هؤلاء القائلون : { أيّ الفريقين خير مقاماً } إذا عاينوا ما يوعدون به من العذاب الدنيوي بأيدي المؤمنين ، أو الأخروي ، فسيعلمون عند ذلك من هو شرّ مكاناً من الفريقين ، وأضعف جنداً منهما ، أي أنصاراً وأعواناً . والمعنى : أنهم سيعلمون عند ذلك أنهم شرّ مكاناً لا خير مكاناً ، وأضعف جنداً لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين ؛ وليس المراد أن للمفتخرين هنالك جنداً ضعفاء ، بل لا جند لهم أصلاً كما في قوله سبحانه : { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } [ الكهف : 43 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.