السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل } لهؤلاء المبعدين ردّاً عليهم وقطعاً لمعاذيرهم وهتكاً لشبههم هذا الذي افتخرتم به لا يدل على حسن الحال في الآخرة بل على عكس ذلك فقد جرت عادته تعالى أنه { من كان في الضلالة } مثلكم كوناً راسخاً بسط له في الدنيا وطيب عيشه في ظاهر الحال فيها ونعم بأنواع الملاذ وقوله { فليمدد له الرحمن مدّاً } أمر بمعنى الخبر معناً فندعه في طغيانه ونمهله في كفره بالبسط في الآثار والسعة في الديار والطول في الأعمال وإنفاقها فيما يستلذ به من الأوزار ولا يزال يمدّ له استدراجاً { حتى إذا رأوا } أي : كل من كفر بأعينهم { ما يوعدون } من قبل الله { إمّا العذاب } في الدنيا بأيدي المؤمنين وغيرهم أو في البرزخ { وإما الساعة } أي : القيامة التي هم بها مكذبون وعن الاستعداد لها معرضون ولا شيء يشبه أهوالها وخزيها ونكالها { فسيعلمون } إذا رأوا ذلك { من هو شرّ مكاناً } أي : من جهة المكان الذي قوبل به المقام في قولهم : { خير مقاماً } { وأضعف جنداً } أي : أقل ناصراً أهم أم المؤمنون أي : أضعف من جهة الجند أي : الذي أشير به إلى النديّ في قولهم : { وأحسن ندياً } لأنهم في النار والمؤمنون في الجنة فهذا ردّأ عليهم في قولهم : { أيّ الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً } .