{ فليمدد } يحتمل أن يكون على معناه من الطلب ويكون دعاء ، وكان المعنى الأضل منا ومنكم مدّ الله له ، أي أملى له حتى يؤول إلى عذابه .
وكان الدعاء على صيغة الطلب لأنه الأصل ، ويحتمل أن يكون خبراً في المعنى وصورته صورة الأمر ، كأنه يقول : من كان ضالاً من الأمم فعادة الله له أنه يمدد له ولا يعاجله حتى يفضي ذلك إلى عذابه في الآخرة .
وقال الزمخشري : أخرج على لفظ الأمر إيذاناً بوجوب ذلك ، وإنه مفعول لا محالة كالمأمور به الممتثل ليقطع معاذير الضال ، ويقال له يوم القيامة { أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } أو كقوله { إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً } والظاهر أن { حتى } غاية لقوله { فليمدد } والمعنى إن الذين في الضلالة ممدود لهم فيها إلى أن يعاينوا العذاب بنصرة الله المؤمنين أو الساعة ومقدماتها .
وقال الزمخشري : في هذه الآية وجهان أحدهما أن تكون متصلة بالآية التي هي رابعتها ، والآيتان اعتراض بينهما أي قالوا { أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً } { حتى إذا رأوا ما يوعدون } أي لا يبرحون يقولون هذا القول ويتولعون به لا يتكافون عنه إلى أن يشاهدوا الموعود رأي عين { إما العذاب } في الدنيا وهو غلبة المسلمين عليهم ، وتعذيبهم إياهم قتلاً وأسراً ، وإظهار الله دينه على الدين كله على أيديهم وإما يوم القيامة وما ينالهم من الخزي والنكال فحينئذ يعلمون عند المعاينة أن الأمر على عكس ما قدروه ، وأنهم { شر مكاناً وأضعف جنداً } لا { خير مقاماً وأحسن ندياً } وأن المؤمنين على خلاف صفتهم .
انتهى هذا الوجه وهو في غاية البعد لطول الفصل بين قوله قالوا : { أي الفريقين } وبين الغاية وفيه الفصل بجملتي اعتراض ولا يجيز ذلك أبو علي .
قال الزمخشري : والثاني أن يتصل بما يليها فذكر نحواً مما قدمناه ، وقابل قولهم خير مكاناً بقوله { شر مكاناً } وقوله { وأحسن ندياً } بقوله { وأضعف جنداً } لأن الندي هو المجلس الجامع لوجوه القوم والأعوان ، والأنصار والجند هم الأعوان ، والأنصار و { إما العذاب وإما الساعة } بدل من ما المفعولة برأوا .
و { من } موصولة مفعولة بقوله { فسيعلمون } وتعدى إلى واحد واستفهامية ، والفعل قبلها معلق والجملة في موضع نصب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.