الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُلۡ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَٰلَةِ فَلۡيَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرّٞ مَّكَانٗا وَأَضۡعَفُ جُندٗا} (75)

قوله سبحانه : { قُلْ مَن كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرحمن مَدّاً } [ مريم : 75 ] .

فيحتمل أَنْ يكون بمعنى الدُّعَاءِ والاِبْتِهَال كأَنه يقولُ : الأَضَلّ مِنّا ومنكم مد اللّه له ، أَيْ : أملى له حَتَّى يؤول ذلك إلَى عذابِه ، ويحتمل أَنْ يكون بمعنى الخبر أنه سبحانه هذه عَادَتُه : الإمْلاَءُ للضَّالِينْ : { حتى إِذَا رَأَوا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العذاب } ، أَيْ : في الدنيا بنصر اللّه لِلْمُؤْمِنينَ عليهم ، { وَإِمَّا الساعة } فيصيرون إلى النارِ ، والجندُ النَّاصِرُون : القَائِمُون بأَمْر الحرب ، و { شَرٌّ مَّكَاناً } بإزاء قَوْلهِم { خَيْرٌ مَّقَاماً } و{ أَضْعَفُ جُنداً } بإزاء قولهم : { أَحْسَنُ نَدِيّاً } ولما ذكر سبحانه ضَلاَلَةَ الكَفَرةِ وافتخارَهُم بنِعَم الدنيا عَقَّبَ ذلك بذكر نِعْمة اللّه على المؤْمِنينَ في أَنه يزيدهم هُدَىً في الارْتِبَاط بالأَعمالِ الصَّالحة ، والمعرفة بالدَّلائل الوَاضِحَة ،