{ 55 } { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا }
لما ذكر أنهن لا يسألن متاعًا إلا من وراء حجاب ، وكان اللفظ عامًا [ لكل أحد ]{[720]} احتيج أن يستثنى منه هؤلاء المذكورون ، من المحارم ، وأنه { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } في عدم الاحتجاب عنهم .
ولم يذكر فيها الأعمام ، والأخوال ، لأنهن إذا لم يحتجبن عمن هن عماته ولا{[721]} خالاته ، من أبناء الإخوة والأخوات ، مع رفعتهن عليهم ، فعدم احتجابهن عن عمهن وخالهن ، من باب أولى ، ولأن منطوق الآية الأخرى ، المصرحة بذكر العم والخال ، مقدمة ، على ما يفهم من هذه الآية .
وقوله { وَلَا نِسَائِهِنَّ } أي : لا جناح عليهن ألا يحتجبن عن نسائهن ، أي : اللاتي من جنسهن في الدين ، فيكون ذلك مخرجًا لنساء الكفار ، ويحتمل أن المراد جنس النساء ، فإن المرأة لا تحتجب عن المرأة . { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ما دام العبد في ملكها جميعه .
ولما رفع الجناح عن هؤلاء ، شرط فيه وفي غيره ، لزوم تقوى اللّه ، وأن لا يكون في محذور شرعي فقال : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } أي : استعملن تقواه في جميع الأحوال { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } يشهد أعمال العباد ، ظاهرها وباطنها ، ويسمع أقوالهم ، ويرى حركاتهم ، ثم يجازيهم على ذلك ، أتم الجزاء وأوفاه .
القول في تأويل قوله تعالى : { لاّ جُنَاحَ عَلَيْهِنّ فِيَ آبَآئِهِنّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنّ وَلاَ إِخْوَانِهِنّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنّ وَلاَ نِسَآئِهِنّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنّ وَاتّقِينَ اللّهَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً } .
يقول تعالى ذكره : لا حرج على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في آبائهنّ ولا إثم .
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي وضع عنهنّ الجناح في هؤلاء ، فقال بعضهم : وضع عنهنّ الجناح في وضع جلابيبهنّ عندهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، في قوله : لا جُناحَ عَلَيْهِنّ فِي آبائهنّ . . . الاَية كلها ، قال : أن تضع الجلباب .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : لا جُناحَ عَلَيْهِنّ في آبائهن ومن ذكر معه أن يروهنّ .
وقال آخرون : وضع عنهنّ الجناح فيهنّ في ترك الاحتجاب .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد عن قتادة ، في قوله لا جُناحَ عَلَيْهنّ . . . إلى شَهِيدا : فرخص لهؤلاء أن لا يحتجبن منهم .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : ذلك وضع الجناح عنهنّ في هؤلاء المسلمين أن لا يحتجبن منهم ، وذلك أن هذه الاَية عقيب آية الحجاب ، وبعد قول الله : وَإذَا سألْتُمُوهُنّ مَتاعا فاسأَلُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ فلا يكون قوله : لا جُناحَ عَلَيْهِنّ فِي آبائهِنّ استثناء من جملة الذين أمروا بسؤالهنّ المتاع من وراء الحجاب إذا سألوهنّ ذلك أولى وأشبه من أن يكون خبر مبتدإ عن غير ذلك المعنى .
فتأويل الكلام إذن : لا إثم على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأمّهات المؤمنين في إذنهنّ لاَبائهنّ ، وترك الحجاب منهنّ ، ولا لأبنائهنّ ولا لإخوانهنّ ، ولا لأبناء إخوانهنّ . وعُني بإخوانهنّ وأبناء إخوانهنّ إخوتهنّ وأبناء إخوتهنّ . وخرج معهم جمع ذلك مخرج جمع فتى إذا جمع فتيان ، فكذلك جمع أخ إذا جمع إخوان . وأما إذا جمع إخوة ، فذلك نظير جمع فتى إذا جمع فتية ، ولا أبناء إخوانهنّ ، ولم يذكر في ذلك العمّ على ما قال الشعبي حذرا من أن يصفهنّ لأبنائه .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا حجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن داود ، عن الشعبي وعكرِمة في قوله : لا جُناحَ عَلَيْهِنّ فِي آبائهِنّ وَلا أبْنائهِنّ وَلا إخْوَانِهِنّ وَلا أبْناءِ إخْوَانِهِنّ وَلا أبْناءِ أخَوَاتِهِنّ وَلا نِسائهِنّ وَلا ما مَلَكَتْ أيمَانُهُنّ قلت : ما شأن العم والخال لم يذكرا ؟ قال : لأنهما ينعتانها لأبنائهما ، وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها .
حدثنا ابن المثنى ، ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا حماد ، عن داود ، عن عكرمة والشعبيّ نحوه ، غير أنه لم يذكر ينعتانها .
وقوله : وَلا نسائهِنّ يقول : ولا جناح عليهنّ أيضا في أن لا يحتجبن من نساء المؤمنين ، كما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا نِسائهِنّ . قال : نساء المؤمنات الحرائر ليس عليهنّ جناح أن يرين تلك الزينة ، قال : وإنما هذا كله في الزينة ، قال : ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى شيء من عورة المرأة ، قال : ولو نظر الرجل إلى فخذ الرجل لم أر به بأسا ، قال : وَلا ما مَلَكَتْ أيمَانُهُنّ فليس ينبغي لها أن تكشف قرطها للرجل ، قال : وأما الكحل والخاتم والخضاب ، فلا بأس به ، قال : والزوج له فضل ، والاَباء من وراء الرجل لهم فضل . قال : والاَخرون يتفاضلون ، قال : وهذا كله يجمعه ما ظهر من الزينة ، قال : وكان أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من المماليك .
وقوله : وَلا ما مَلَكَتْ أيمَانُهُنّ من الرجال والنساء . وقال آخرون : من النساء . وقوله : وَاتّقِينَ اللّهِ يقول : وخَفن الله أيها النساء أن تتعدّين ما حدّ الله لكن ، فتبدين من زينتكنّ ما ليس لكنّ أن تبدينه ، أو تتركن الحجاب الذي أمركنّ الله بلزومه ، إلا فيما أباح لكن تركه ، والزمْنَ طاعته إنّ اللّهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدا يقول تعالى ذكره : إن الله شاهد على ما تفعلنه من احتجابكنّ ، وترككنّ الحجاب لمن أبحت لكن ترك ذلك له ، وغير ذلك من أموركنّ يقول : فاتقين الله في أنفسكنّ لا تلقين الله ، وهو شاهد عليكم بمعصيته ، وخلاف أمره ونهيه ، فتهلكن ، فإنه شاهد على كلّ شيء .
ثم ذكر تعالى الإباحة فيمن سمي من القرابة إذ لا تقضي أحوال البشر إلا مداخلة من ذكر وكثرة ترداده وسلامة نفسه من أمر الغزل لما تتحاماه النفوس من ذوات المحارم ، فمن ذلك الآباء والأولاد والإخوة وأبناؤهم وأبناء الأخوات ، وقوله : { ولا نسائهن } دخل فيه الأخوات والأمهات وسائر القرابات ومن يتصل من المتصرفات لهن ، هذا قول جماعة من أهل العلم ، ويؤيد قولهم هذه الإضافة المخصصة في قوله { نسائهن } وقال ابن زيد وغيره إنما أراد جميع النساء المؤمنات وتخصيص الإضافة إنما هو في الإيمان ، وقوله تعالى : { ولا ما ملكت أيمانهن } قالت طائفة من الإماء دون العبيد ، وقالت طائفة من العبيد والإماء ، ثم اختلفت هذه الطائفة ، فقالت فرقة : ما ملكت من العبيد دون من ملك سواهن ، وقالت فرقة : بل من جميع العبيد كان في ملكهن أو في ملك غيرهن ، والكاتب إذا كان معه ما يؤدي فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب الحجاب دونه ، وفعلت ذلك أم سلمة مع مكاتبها نبهان ، ذكره الزهراوي ، وقالت فرقة دخل الأعمام في الآباء ، وقال الشعبي وعكرمة لم يذكرهم لإمكان أن يصفوا لأبنائهم ، وكذلك الخال وكرها أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها ، واختلف المتأولون في المعنى الذي رفع فيه الجناح بهذه الآية فقال قتادة هو الحجاب ، أي أبيح لهذه الأصناف الدخول على النساء دون حجاب ورؤيتهن ، وقال مجاهد ذلك في رفع الجلباب وإبداء الزينة ، ولما ذكر تعالى الرخصة في هذه الأصناف وانجزمت الإباحة عطف بأمرهن بالتقوى عطف جملة على جملة وهذا في نهاية البلاغة والإيجاز ، كأنه قال اقتصرن على هذا { واتقين الله } تعالى فيه أن تتعدينه إلى غيره ، ثم توعد تعالى قوله { واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيداً } .
تخصيص من عموم الأمر بالحجاب الذي اقتضاه قوله : { فاسألوهن من وراء حجاب } [ الأحزاب : 53 ] .
وإنما رفع الجناح عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم تنبيهاً على أنهن مأمورات بالحجاب كما أمر رجال المسلمين بذلك معهن فكان المعنى : لا جناح عليهن ولا عليكم ، كما أن معنى { فاسألوهن من وراء حجاب } أنهن أيضاً يُجِبن من وراء حجاب كما تقدمت الإِشارة إليه يقوله : { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } [ الأحزاب : 53 ] .
والظرفية المفادة من حرف { في } مجازية شائعة في مثله ، يقال : لا جناح عليك في كذا ، فهو كالحقيقة فلا تلاحظ فيه الاستعارة ، والمجرور مقدر فيه مضاف تقديره : في رُؤية آبائهن إيَّاهُن ، وإنما رجح جانبهن هنا لأنه في معنى الإِذن ، لأن الرجال مأمورون بالاستئذان كما اقتضته آية سورة النور ، والإِذن يصدر منهن فلذلك رُجّح هنا جانبهن فأضيف الحكم إليهن .
والنساء : اسم جمع امرأة لا مفرد له من لفظه في كلامهم ، وهن الإِناث البالغات أو المراهقات .
والمراد ب { نسائهن } جميع النساء ، فإضافته إلى ضمير الأزواج اعتبار بالغالب لأن الغالب أن تكون النساء اللاتي يدخلن على أمهات المؤمنين نساء اعتدن أن يدخلن عليهن ، والمراد جميع النساء .
ولم يذكر من أصناف الأقرباء الأعمام ولا الأخوال لأن ذكر أبناء الإِخوان وأبناء الأخوات يقتضي اتحاد الحكم ، من أنه لما رفِع الحرج عنهن فيمن هن عمات لهن أو خالات كان رفع الحرج عنهن في الأعمام والأخوال كذلك ، وأما قرابة الرضاعة فمعلومة من السنة ، فأريد الاختصار هنا إذ المقصود التنبيه على تحقيق الحجاب ليفضي إلى قوله : { واتقين الله } .
والتفت من الغيبة إلى خطابهن في قوله : { واتقين الله } لتشريف نساء النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه الخطاب الإِلهي إليهن .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم رخص في الدخول على نساء النبي صلى الله عليه وسلم من غير حجاب لأهل القرابة، فقال: {لا جناح} يعني: لا حرج {عليهن} في الدخول على نساء النبي صلى الله عليه وسلم {في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن} يعني كل حرة مسلمة {ولا ما ملكت أيمانهن} يعني عبيد نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلوا عليهن من غير حجاب أن يكون منهن، أو منهم من لا يصلح، فقال لهن: {واتقين الله} في دخولهم عليكن {إن الله كان على كل شيء} من أعمالكم {شهيدا} لم يغيب عن الله عز وجل من يدخل عليهن إن كان منهن، أو منهم ما لا يصلح...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: لا حرج على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في آبائهنّ ولا إثم.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي وضع عنهنّ الجناح في هؤلاء؛ فقال بعضهم: وضع عنهنّ الجناح في وضع جلابيبهنّ عندهم...
وقال آخرون: وضع عنهنّ الجناح فيهنّ في ترك الاحتجاب...
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك وضع الجناح عنهنّ في هؤلاء المسلمين أن لا يحتجبن منهم، وذلك أن هذه الآية عقيب آية الحجاب، وبعد قول الله:"وَإذَا سألْتُمُوهُنّ مَتاعا فاسأَلُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ" فلا يكون قوله: "لا جُناحَ عَلَيْهِنّ فِي آبائهِنّ "استثناء من جملة الذين أمروا بسؤالهنّ المتاع من وراء الحجاب إذا سألوهنّ ذلك أولى وأشبه من أن يكون خبر مبتدأ عن غير ذلك المعنى.
فتأويل الكلام إذن: لا إثم على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمّهات المؤمنين في إذنهنّ لآبائهن، وترك الحجاب منهنّ، ولا لأبنائهنّ ولا لإخوانهنّ، ولا لأبناء إخوانهنّ. وعُني "بإخوانهنّ وأبناء إخوانهنّ" إخوتهنّ وأبناء إخوتهنّ... ولم يذكر في ذلك العمّ على ما قال الشعبي حذرا من أن يصفهنّ لأبنائه...
وقوله: "وَلا نسائهِنّ" يقول: ولا جناح عليهنّ أيضا في أن لا يحتجبن من نساء المؤمنين... قال ابن زيد، في قوله: "وَلا نِسائهِنّ". قال: نساء المؤمنات الحرائر ليس عليهنّ جناح أن يرين تلك الزينة، قال: وإنما هذا كله في الزينة، قال: ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى شيء من عورة المرأة...
قال: "وَلا ما مَلَكَتْ أيمَانُهُنّ" فليس ينبغي لها أن تكشف قرطها للرجل، قال: وأما الكحل والخاتم والخضاب، فلا بأس به، قال: والزوج له فضل، والآباء من وراء الرجل لهم فضل. قال: والآخرون يتفاضلون، قال: وهذا كله يجمعه ما ظهر من الزينة، قال: وكان أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من المماليك.
وقوله: "وَلا ما مَلَكَتْ أيمَانُهُنّ" من الرجال والنساء. وقال آخرون: من النساء. وقوله: "وَاتّقِينَ اللّهِ" يقول: وخَفن الله أيها النساء أن تتعدّين ما حدّ الله لكن، فتبدين من زينتكنّ ما ليس لكنّ أن تبدينه، أو تتركن الحجاب الذي أمركنّ الله بلزومه، إلا فيما أباح لكن تركه، والزمْنَ طاعته.
"إنّ اللّهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدا" يقول تعالى ذكره: إن الله شاهد على ما تفعلنه من احتجابكنّ، وترككنّ الحجاب لمن أبحت لكن ترك ذلك له، وغير ذلك من أموركنّ يقول: فاتقين الله في أنفسكنّ لا تلقين الله، وهو شاهد عليكم بمعصيته، وخلاف أمره ونهيه، فتهلكن، فإنه شاهد على كلّ شيء.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
{شهيداً} لا تتفاوت الأحوال في علمه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لا جناح} أي إثم {عليهن في آبائهن} دخولاً وخلوة من غير حجاب، والعم والخال وأبو الزوج بمصير الزوجين كالشيء الواحد بمنزلة الوالد {ولا أبنائهن} أي من البطن أو الرضاعة، وابن الزوج بمنزلة الولد، وترك ذكرهم يفهم أن الورع الحجاب عنهم {ولا إخوانهن} لأن عارهن عارهم، {ولا أبناء إخوانهن} فإنهن بمنزلة آبائهم، {ولا أبناء أخواتهن} فإنهن بمنزلة أمهاتهم... {ولا ما ملكت أيمانهن} لأنهم لما لهن عليهم من السلطان تبعد منهم الريبة هيبة لهن مع مشقة الاحتجاب عنهم...
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:"أستأذن عليّ أفلح أخو أبي القعيس رضي الله عنه بعد ما أنزل الحجاب، فقلت: لا آذن له حتى استأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني و لكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يمنعك؟ قلت: يا رسول الله! إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فقال: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك، قال عروة: فلذلك كانت عائشة رضي الله عنها تقول: حرموا من الرضاعة ما تحرموا من النسب"...
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
إن الله شاهد عليكم عند اختلاء بعضكم ببعض، فخلوتكم مثل ملئكم، فاتقوه فيما تأتون وما تذرون.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتفت من الغيبة إلى خطابهن في قوله: {واتقين الله} لتشريف نساء النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيه الخطاب الإِلهي إليهن.