تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

{ 31 - 32 } { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }

أي : ألم تر من آثار قدرته ورحمته ، وعنايته بعباده ، أن سخر البحر ، تجري فيه الفلك ، بأمره القدري [ ولطفه وإحسانه ، { لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ } ففيها الانتفاع والاعتبار ]{[674]}

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } فهم المنتفعون بالآيات ، صبار على الضراء ، شكور على السراء ، صبار على طاعة اللّه وعن معصيته ، وعلى أقداره ، شكور للّه ، على نعمه الدينية والدنيوية .


[674]:- زيادة من ب.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللّهِ لِيُرِيَكُمْ مّنْ آيَاتِهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر يا محمد أن السفن تجري في البحر نعمة من الله على خلقه لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ يقول : ليريكم من عبره وحججه عليكم إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لِكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ يقول : إن في جري الفلك في البحر دلالة على أن الله الذي أجراها هو الحقّ ، وأنّ ما يدعون من دونه الباطللكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ يقول : لكلّ من صبر نفسه عن محارم الله ، وشكره على نعمه فلم يكفره .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قال : كان مطرف يقول : إنّ من أحبّ عباد الله إليه : الصبّار الشّكور .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : الصبر نصف الإيمان ، والشكر نصف الإيمان ، واليقين : الإيمان كله ، ألم تر إلى قوله : إنّ فِي ذلك لاَياتٍ لكُلّ صَبّارٍ شَكُورٍ ، إنّ في ذلكَ لاَياتٍ للْمُوقِنينَ إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ للْمُؤْمِنينَ .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن الشعبيّ إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لكُلّ صَبّارٍ شَكُور قال : الصبر : نصف الإيمان ، واليقين : الإيمان كله .

إن قال قائل : وكيف خصّ هذه الدلالة بأنها دلالة للصبّار الشّكور دون سائر الخلق ؟ قيل : لأنّ الصبر والشكر من أفعال ذوي الحجى والعقول ، فأخبر أن في ذلك لاَيات لكلّ ذي عقل ، لأن الاَيات جعلها الله عبرا لذوي العقول والتمييز .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

الرؤية في قوله { ألم تر } رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار ، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع ، و { الفلك } جمع وواحد بلفظ واحد ، وقرأ موسى بن الزبير «الفلُك » بضم اللام ، وقوله { بنعمة الله } يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات ، فالباء للأرزاق ، ويحتمل أن يريد الريح وتسخير الله البحر ونحو هذا ، فالباء باء السبب ، وقرأ الجمهور «بنعمة » ، وقرأ الأعرج ويحيى بن يعمر «بنعمات » على الجمع ، وقرأ ابن أبي عبلة «بنَعِمات » بفتح النون وكسر العين ، وذكر تعالى من صفة المؤمن «الصبار » و «الشكور » لأنهما عظم أخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعلى الشهوات ، والشكر على الضراء والسراء ، وقال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه الآخر ، واليقين الإيمان كله .