تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

الآية 31 وقوله تعالى : { ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله } كقوله( {[16299]} ) في موضع آخر : { وجرين بهم بريح طيبة } [ يونس : 22 ] وقوله : { بريح طيبة } هي النعمة التي ذكرها( {[16300]} ) في هذه الآية .

وقوله تعالى : { تجري في البحر بنعمة الله } يحتمل وجهين :

أحدهما : لما جعل لهم الفلك بحيث تجري على وجه الماء مع أحمال ثقيلة ، ومن طبعها التسرب في المار والانحدار فيه ، جعلها( {[16301]} ) بحيث تستمسك على وجه الماء ، وتجري ، ليصلوا إلى حوائجهم ومنافعهم في أمكنة متباعدة ممتنعة ما لولا السفن لم يصلوا إلى ذلك بحال .

والثاني : ما ذكر فيه من ريح طيبة( {[16302]} ) بها تجري السفن في البحار ، وماؤها راكد ساكن ، فتعمل تلك الريح عمل جريان الماء [ في حال سكونه ]( {[16303]} ) وذلك نعمته ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ليريكم من آياته } يحتمل آيات وحدانيته وآيات قدرته وسلطانه وآيات نعمه .

أما آيات نعمه فما( {[16304]} ) ذكر ، وآيات قدرته وسلطانه ما ذكرنا من قدرته وسلطانه أن جعل الفلك والسفن [ تجري ]( {[16305]} ) بحيث تستمسك ، وتحتبس ، فلا تتسرب ، ولا تنحدر مع أحمال ثقيلة . ومن طبع ذلك كله التسرب /419-أ/ والانحدار وما ذكر من أجرائها بالريح الطيبة .

ولو كان فعل عدد لا فعل واحد لكان يمنع عن جريتها . دل أنه تدبير واحد لا عدد .

وقوله تعالى { ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } جائز أن يكون الصبار ، هو المؤمن ، والشكور كذلك ، والصبر( {[16306]} ) كناية عن الإيمان ، والشكر كناية عن الإيمان كقوله : { إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات } [ هود : 11 ] ذكر الصبر مكان قوله : { آمنوا } لأنه ذكر في آية أخرى : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ الشعراء : 227 ] والشكر كناية عن الإيمان كقوله : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر إن تشكروا يرضه لكم } [ الزمر : 7 ] وقوله : { تشكروا } أي تؤمنوا .

ويحتمل [ قوله ]( {[16307]} ) : { صبار } على بلاياه { شكور } على نعمائه ، أو جعل الآيات لمن ذكر لأنه هو المنتفع بها دون غيره( {[16308]} ) أو { لكل صبار } في ما أصابهم في البحر من الشدائد والأهوال و{ الشكور } في ما دفع عنهم ، وأنجاهم من تلك الأهوال ، والله أعلم .


[16299]:في الأصل وم: وقال.
[16300]:في الأصل وم: ذلك.
[16301]:في الأصل وم: فجعلها.
[16302]:أدرج بعدها في الأصل وم: التي.
[16303]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: وسكونه.
[16304]:الفاء ساقطة من الأصل وم.
[16305]:ساقطة من الأصل وم.
[16306]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[16307]:ساقطة من الأصل وم.
[16308]:في الأصل وم: غيرهم.