ولما قال تعالى { ألم تر أنّ الله يولج الليل في النهار وسخر الشمس والقمر } ذكر آية سماوية وأشار إلى السبب والمسبب ذكر بعده آية أرضية تدلّ على باهر قدرته وكمال نعمته وشمول إنعامه وأشار إلى السبب والمسبب بقوله تعالى : { ألم تر } وفي المخاطب بذلك ما تقدّم { أنّ الفلك } أي : السفن كباراً وصغاراً { تجري } أي : بكم حاملة ما تعجزون عن نقل مثله في البرّ { في البحر } أي : على وجه الماء { بنعمة الله } أي : بإنعام الملك الأعلى المحيط علماً وقدرة المحسن إليكم بتعليم صفتها حتى تهيأت لذلك على يد أبيكم نوح العبد الشكور عليه السلام ، وقيل : نعمة الله هنا هي الريح التي تتحرك بأمر الله { ليريكم من آياته } أي : عجائب قدرته ودلائله التي تدلكم على أنه الحق الذي أثبت بوجوب وجوده ما ترون من الأحمال الثقال على وجه الماء الذي ترسب فيه الإبرة فما دونها { إن في ذلك } أي : الأمر الهائل البديع الرفيع { لآيات } أي : دلالات واضحات على ما له من صفات الكمال { لكل صبار } على المشاق فيبعث نفسه في التفكير في عدم غرقه وفي مسيره إلى البلاد الشاسعة والأقطار البعيدة ، وفي كون سيره ذهاباً وإياباً تارة بريحين ، وتارة بريح واحدة . وفي إنجاء أبيه نوح عليه السلام ومن أراد الله تعالى من خلقه بها وإغراق غيرهم من جميع أهل الأرض ، وفي غير ذلك من شؤونه وأموره { شكور } أي : مبالغ في كل من الصبر والشكر لأنهما الإيمان ، كما ورد : الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ، وعلم من صيغة المبالغة في كل منهما أنه لا يعرف في الرخاء من عظمة الله ما كان يعرفه في الشدّة إلا من طبعهم الله تعالى على ذلك ووفقهم له وأعانهم عليه ، ولهذا قال تعالى { وقليل من عبادي الشكور } ( سبأ : 13 ) وها أنا أسأل الله الحنان المنان من فضله أن يجعلني منهم ويفعل ذلك بأهلي وأحبابي فإنه كريم جواد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.