فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

ثم ذكر من عجيب صنعه وبديع قدرته نوعاً آخر فقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي في البحر بِنِعْمَتِ الله } أي بلطفه بكم ورحمته لكم ، وذلك من أعظم نعمه عليكم : لأنها تخلصكم من الغرق عند أسفاركم في البحر لطلب الرزق ، وقرأ ابن هرمز : " بنعمات الله " جمع نعمة { لِيُرِيَكُمْ مّنْ ءاياته } { من } للتبعيض ، أي ليريكم بعض آياته . قال يحيى بن سلام : وهو جري السفن في البحر بالريح . وقال ابن شجرة : المراد بقوله { من آياته } ما يشاهدونه من قدرة الله . وقال النقاش : ما يرزقهم الله في البحر { إِنَّ فِي ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } هذه الجملة تعليل لما قبلها ، أي إن فيما ذكر لآيات عظيمة لكل من له صبر بليغ وشكر كثير ، يصبر عن معاصي الله ، ويشكر نعمه .