فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنۡ ءَايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (31)

{ ألم تر أن الفلك } أي : السفن والمراكب { تجري في البحر بنعمة الله } أي بلطفه بكم ، ورحمته لكم ، أو بالريح لأنها من نعم الله تعالى ، وذلك من أعظم نعمه عليكم ، لأنها تخلصكم من الغرق عند أسفاركم في البحر لطلب الرزق ، وقرئ بنعمات الله جمع نعمة ، والباء للصلة ، أو للحال { ليريكم من آياته } من للتبعيض ، أي بعض آياته ، قال يحيى بن سلام ، وهو جري السفن في البحر بالريح ، وقال ابن شجرة : المراد بقوله ، من آياته ما يشاهدونه من قدرة الله تعالى . قال النقاش : ما يرزقكم الله من البحر .

{ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } هذه الجملة تعليل لما قبلها أي : فيما ذكر لآيات عظيمة ، وعبرا فخيمة لكل من له صبر بليغ ، وشكر كثير ، يصبر عن معاصي الله ، ويشكر نعمه ، وهما صفتا المؤمن . فالإيمان نصفان نصفه شكر ، ونصفه صبر ، فكأنه قال : إن في ذلك لآيات لكل مؤمن حيث يبعث في نفسه التفكر في عدم غرقه ، وفي سيره إلى البلاد الشاسعة ، والأقطار البعيدة ، وفي كون سيره ذهابا وإيابا بريحين . وتارة بريح واحدة ، وفي إنجاء أبيه نوح عليه السلام ، ومن أراد الله تعالى من خلقه ، وإغراق غيرهم من جميع أهل الأرض ، وفي غير ذلك من شؤونه ، وأموره ، وصنائعه ، وأفعاله .