{ 1-4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ }
يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الوجوه كثير البركات ، جزيل المبرات . والمجد : سعة الأوصاف وعظمتها ، وأحق كلام يوصف بهذا ، هذا القرآن ، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين ، الذي حوى من الفصاحة أكملها ، ومن الألفاظ أجزلها ، ومن المعاني أعمها وأحسنها ، وهذا موجب لكمال اتباعه ، و [ سرعة ] الانقياد له ، وشكر الله على المنة به .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوَاْ أَن جَآءَهُمْ مّنذِرٌ مّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هََذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } .
اختلف أهل التأويل في قوله : ق ، فقال بعضهم : هو اسم من أسماء الله تعالى أُقسم به ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ بن داود ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس في قوله : ق و ن وأشباه هذا ، فإنه قسم أقسمه الله ، وهو اسم من أسماء الله .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء القرآن . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله ق قال : اسم من أسماء القرآن .
وقال آخرون : ق اسم الجبل المحيط بالأرض ، وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : وَالقُرآنِ المَجِيدِ يقول : والقرآن الكريم . كما :
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جُبَير ق والقرآن المَجِيدِ قال : الكريم .
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم ، فقال بعض نحوّيي البصرة ق والقُرآنِ المَجِيدِ قسم على قوله : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وقال بعض نحوّيي أهل الكوفة : فيها المعنى الذي أقسم به ، وقال : ذكر أنها قضى والله ، وقال : يقال : إن قاف جبل محيط بالأرض ، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع : أي هو قاف والله قال : وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء قال : ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه ، كما قال الشاعر :
*** قُلْت لهَا قِفِي لَنَا قالَتْ قافْ ***
ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف : أي إني واقفة .
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب ، لأنه لا يعرف في أجوبة الإيمان قد ، وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة : اللام ، وإن ، وما ، ولا ، أو بترك جوابها فيكون ساقطا .
هي مكية بإجماع من المتأولين{[1]} ، وروى أبيّ بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( من قرأ سورة ق هوّن الله عليه الموت وسكراته ){[2]}
قال ابن عباس : { ق } اسم من أسماء القرآن . وقال أيضاً اسم من أسماء الله تعالى . وقال قتادة والشعبي : هو اسم السورة ، وقال يزيد وعكرمة ومجاهد والضحاك : هم اسم الجبل المحيط بالدنيا ، وهو فيما يزعمون من زمردة خضراء ، منها خضرة السماء وخضرة البحر . و { المجيد } الكريم في أوصافه الذي جمع كل معلوة .
و : { ق } على هذه الأقوال : مقسم به وب { القرآن المجيد } ، وجواب القسم منتظر . واختلف الناس فيه ، فقال ابن كيسان جوابه : { ما يلفظ من قول }{[10505]} [ ق : 18 ] ، وقيل الجواب : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب }{[10506]} [ ق : 37 ] وقال الزهراوي عن سعيد الأخفش الجواب : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } وضعفه النحاس{[10507]} ، وقال الكوفيون من النحاة الجواب : { بل عجبوا } ، والمعنى : لقد عجبوا . قال منذر بن سعيد : إن جواب القسم في قوله : { ما يبدل القول لدي }{[10508]} [ ق : 29 ] ، وفي هذه الأقوال تكلف وتحكم على اللسان .
وقال الزجاج والمبرد والأخفش : الجواب مقدر تقديره : { ق } ، { والقرآن المجيد } لتبعثن ، وهذا قول حسن وأحسن منه : أن يكون الجواب الذي يقع عنه الإضراب ب { بل } ، كأنه قال . { ق والقرآن المجيد } ما ردوا أمرك بحجة ، أو ما كذبوك ببرهان ، ونحو هذا مما لا بد لك من تقديره بعد الذي قدر الزجاج ، لأنك إذا قلت الجواب : لتبعثن فلا بد بعد ذلك أن يقدر خبر عنه يقع الإضراب ، وهذا الذي جعلناه جواباً وجاء المقدر أخصر . وقال جماعة من المفسرين في قوله : { ق } إنه حرف دال على الكلمة ، على نحو قول الشاعر : [ الرجز ]
قلت لها قفي فقالت قاف . . . {[10509]}
واختلفوا بعد ، فقال القرطبي : هو دال على أسماء الله تعالى هي : قادر ، وقاهر ، وقريب ، وقاض ، وقابض ، وقيل المعنى : قضي الأمر من رسالتك ونحوه ، { والقرآن المجيد } ، فجواب القسم في الكلام الذي يدل عليه قاف . وقال قوم المعنى : قف عند أمرنا . وقيل المعنى : قهر هؤلاء الكفرة ، وهذا أيضاً وقع عليه القسم ويحتمل أن يكون المعنى : قيامهم من القبور حق ، { والقرآن المجيد } ، فيكون أول السورة من المعنى الذي اطرد بعد ، وعلى هذه الأقوال فثم كلام مضمر عنه وقع الإضراب ، كأنه قال : ما كذبوك ببرهان ، ونحو هذا مما يليق مظهراً .
وقرأ جمهور من القراء { ق } بسكون الفاء . قال أبو حاتم : ولا يجوز غيرها إلا جواز سوء .
قال القاضي أبو محمد : وهذه القراءة تحسن مع أن يكون { ق } حرفاً دالاً على كلمة . وقرأ الثقفي وعيسى : قاف بفتح الفاء ، وهذه تحسن مع القول بأنها اسم للقرآن أو لله تعالى ، وكذلك قرأ الحسن وابن أبي إسحاق بكسر الفاء ، وهي التي في رتبة التي قبلها في أن الحركة للالتقاء وفي أنها اسم للقرآن .
و { المجيد } الكريم الأوصاف الكثير الخير{[10510]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.