تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا} (6)

وقوله : { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } بشارة عظيمة ، أنه كلما وجد عسر وصعوبة ، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه ، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر ، فأخرجه كما قال تعالى : { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسرا " .

وتعريف " العسر " في الآيتين ، يدل على أنه واحد ، وتنكير " اليسر " يدل على تكراره ، فلن يغلب عسر يسرين .

وفي تعريفه بالألف واللام الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر -وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا} (6)

قوله : فَإنّ مَعَ العُسْرِ يُسْرا إنّ مَعَ العُسْرِ يُسْرا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإنّ مع الشدّة التي أنت فيها ، من جهاد هؤلاء المشركين ، ومِن أوّله : ما أنت بسبيله ، رجاءً وفرجا بأن يُظْفِرَك بهم ، حتى ينقادوا للحقّ الذي جئتهم به طوعا وكَرها .

ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الاَية لما نزلت ، بَشّر بها أصحابه وقال : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ » . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت يونس ، قال : قال الحسن : لما نزلت هذه الاَية فَإنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أبْشِرُوا أتاكُمُ اليُسْرُ ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ » .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن يونس ، عن الحسن ، مثله ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، قال : خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فَرِحا وهو يضحك ، وهو يقول : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ فَإنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا إنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَإنّ مَعَ العُسْرِ يُسْرا ذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشّر أصحابه بهذه الاَية ، فقال : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن » .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا سعيد ، عن معاوية بن قرة أبي إياس ، عن رجل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لو دخل العسر في جُحْر ، لجاء اليسر حتى يدخل عليه ، لأن الله يقول : فَإنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا إنّ مَعَ العُسْرِ يُسْرا .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن رجل ، عن عبد الله ، بنحوه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا قال : يتبع اليسرُ العُسرَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا} (6)

إن مع العسر يسرا تكرير للتأكيد أو استئناف وعده بأن العسر متبوع بيسر آخر كثواب الآخرة ، كقولك : إن للصائم فرحة إن للصائم فرحة ، أي فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب ، وعليه قوله صلى الله عليه وسلم : " لن يغلب عسر يسرين " فإن العسر معرف فلا يتعدد سواء كان للعهد أو للجنس ، واليسر منكر فيحتمل أن يراد بالثاني فرد يغاير ما أريد بالأول .