ثم أعقب - سبحانه - ذلك ، بذم زوجه التى كانت تشاركه العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وامرأته حَمَّالَةَ الحطب . فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }
وقوله : { وامرأته } معطوف على الضمير المستتر العائد على أبى لهب في قوله { سيصلى } ، وانتصاب لفظ " حمالةَ " على الذم بفعل مضمر ؛ لأن المقصود به هنا الذم ، وقرأ الجمهور { حَمَّالَةَ } - بالرفع - على أنه صفة لها ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، أي : هي حمالة الحطب .
والمقصود بقوله - تعالى - { حَمَّالَةَ الحطب } الحقيقة ، فقد روي أنها كانت تحمل بنفسها حزمة الشَّوْك والحسك والسَّعْدَان ، فتنثرها بالليل في طريقه صلى الله عليه وسلم ، لإِيذائه به ، ويصح أن يكون المراد بهذه الجملة الكناية عن مشيها بين الناس بالنميمة ، وإشاعة السوء حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه يقال لمن يمشى بالنميمة ليفسد بين الناس : إنسان يحمل الحطب بين الناس ، أي : أنه يفسد بينهم .
ويصح أن يكون المقصود بهذه الجملة حملها للذنوب والخطايا ، من قولهم : فلان يَحْطِب على ظهره ، إذا كان يكتسب الذنوب والخطايا ، فاستعير الحطب لذلك .
وقد رجح الإِمام ابن جرير القول الأول ؛ لأنها كانت تحمل الشوك فتطرحه فى طريق النبى صلى الله عليه وسلم .
أعقب ذم أبي لهب ووعيدهُ بمثل ذلك لامرأته لأنها كانت تشاركه في أذى النبي صلى الله عليه وسلم وتعينه عليه .
وامرأته : أي زوجُه ، قال تعالى في قصة إبراهيم : { وامرأته قائمة } [ هود : 71 ] وفي قصة لوط : { إلا امرأته كانت من الغابرين } [ الأعراف : 83 ] وفي قصة نسوة يوسف : { امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه } [ يوسف : 30 ] .
وامرأة أبي لهب هي أم جَميل ، واسمها أرْوَى بنتُ حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان بن حرب ، وقيل : اسمها العَوراء ، فقيل هو وصف وأنها كانت عوراء ، وقيل : اسمها ، وذكر بعضهم : أن اسمها العَوَّاء بهمزة بعد الواو .
وكانت أم جميل هذه تحمل حطب العضاه والشوكِ فتضعه في الليل في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الذي يسلك منه إلى بيته ليعقِر قدميه .
فلما حصل لأبي لهب وعيد مقتبس من كنيته جُعل لامرأته وعيد مقتبَس لفظُه من فِعلها وهو حَمْل الحطب في الدنيا ، فأُنذرت بأنها تحمل الحطب في جهنم ليوقَد به على زوجها ، وذلك خزي لها ولزوجها إذ جعل شدة عذابه على يد أحب الناس إليه ، وجعلها سبباً لعذاب أعز الناس عليها .
فقوله : { وامرأته } عطف على الضمير المستتر في { سيصلى } [ المسد : 3 ] أي وتصلى امرأته ناراً .
وقوله : { حمالةُ الحطب } قرأه الجمهور برفع { حمالةُ } على أنه صفة لامرأته فيَحتمل أنها صفتها في جهنم ويحتمل أنها صفتها التي كانت تعمل في الدّنيا بجلب حطب العضاه لتضعه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم على طريقة التوجيه والإِيماء إلى تعليل تعذيبها بذلك .
وقرأه عاصم بنصب { حمالة } على الحال من { امرأته } . وفيه من التوجيه والإِيماء ما في قراءة الرفع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.