{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ } عما قالوه من الطعن في المسلمين وفي دينهم ، يقول طائفة منهم في غزوة تبوك { ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه- أرغب بطونا ، [ وأكذب ألسنا ] وأجبن عند اللقاء } ونحو ذلك .
ولما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قد علم بكلامهم ، جاءوا يعتذرون إليه ويقولون : { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } أي : نتكلم بكلام لا قصد لنا به ، ولا قصدنا الطعن والعيب .
قال اللّه تعالى -مبينا عدم عذرهم وكذبهم في ذلك- : { قُلْ } لهم { أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *
وقوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ . . . } بيان للون آخر من معاذيرهم الكاذبة ، وجبنهم عن مواجهة الحقائق .
وأصل الخوض - كما يقول الآلوسى - الدخول في مائع مثل الماء والطين ، ثم كثر حتى صار اسماً لكل دخول فيه تلويث وأذى .
أى : ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين عن سبب استهزائهم بتعاليم الإِسلام ليقولن لك على سبيل الاعتذار ، إنما كنا نفعل ذلك على سبيل الممازحة والمداعبة لا على سبيل الجد .
وقوله : { قُلْ أبالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } إبطال لحجتهم ، وقطع لمعاذيرهم ، وتبكيت لهم على جهلهم وسوء أخلاقهم .
أى : قل لهم يا محمد - على سبيل التوبيخ والتجهيل - ألم تجدوا ما تستهزئون به في مزاحكم ولعبكم - كما تزعمون - سوى فرائض الله وأحكامه وآياته ورسوله الذي جاء لهدايتكم وإخراجكم من الظلمات إلى النور ؟
فالاستفهام للانكار والتوبيخ ، ودفع ما تذرعوا به من معاذيرهم واهية .
{ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } روي : أن ركب المنافقين مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات ، فأخبر الله تعالى به نبيه فدعاهم فقال : " قلتم كذا وكذا " فقالوا لا والله ما كنا في شيء من أمرك وأمر أصحابك ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر . { قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون } توبيخا على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به ، وإلزاما للحجة عليهم ولا تعبأ باعتذارهم الكاذب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.