تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) ذكر السؤال ، ولم يبين عم[ في الأصل وم : مم ] يسألهم . ولكن في الجواب بيان أن السؤال إنما كان على الاستهزاء حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) ذكر أن فقراء من المنافقين كانوا اختفوا في بعض الطريق ليمر رسول الله [ وهو راجع ][ في الأصل وم : ويرجع ] من الغزو فيقتلونه ، فأطلع الله نبيه على إجماعهم في ذلك أنه لماذا ؟ فقال : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) .

وذكر بعض أهل التأويل أن النبي لما رجع من غزوة تبوك ، بينا هو يسير إذا[ في م : إذ ] هو برهط يسيرون بين يديه ، يضحكون ويستهزئون به[ في الأصل : بك ، ساقطة من م ] فأطلع الله رسوله أنهم يستهزئون بالله وكتابه ورسوله فقال : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) وقيل بغير ذلك . وقيل : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) أي لو سألتهم ما تقولون ؟ يقولون[ في الأصل وم : فيقولون ] لك مما يخوض فيه الركب إذا ساروا وليس لنا إلى معرفة كيفية استهزائهم حاجة ولا ماهيته سوى في أن ما ذكر لنا من خبر المنافقين تنبيها[ في الأصل وم : تنبيه ] للمؤمنين وتحذيرا[ في الأصل وم : وتحذير ] لهم ليحذروا إسرار ما لم يظهروا على ألسنتهم ليعلموا أن الله مطلع على ما يسرون ويضمرون .

وقوله تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) قوله : ( أبالله ) تحتمل الإضافة إلى نفسه إضافة إلى نفس المؤمنين لأنه لا أحد يقصد قصد الاستهزاء بالله ولكنهم كانوا يستهزئون بالأحكام ، فأضاف الاستهزاء إلى الآيات كقوله : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزؤا )[ البقرة : 231 ] هم لم يتخذوا آيات الله هزوا ولكن هزئوا بالأحكام التي لها آيات . أضاف الهزء إلى آياته . ومن استخف بحكم من الأحكام[ في الأصل وم : أحكام ] التي لها آيات كان [ ذلك ][ من م ، ساقطة من الأصل ] استخفافا بآياته ، والله أعلم .