الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } الآية ، قال ابن عمر وقتادة وزيد بن أسلم ومحمد ابن كعب : قال رجل من المنافقين في غزوة تبوك : ما رأيت مثل [ قرائنا ] هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال له عوف بن مالك : كذبت ولكنك منافق ، لأُخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه ، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتحل وركب ناقة فقال : يارسول الله إنما كنّا نخوض ونلعب ونتحدث بحديث الركب يقطع به عنا الطريق .

قال ابن عمر : كأني أنظر إليه متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكبه وهو ويقول : إنا كنّا نخوض ونعلب . فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } فالتفت إليه وما يزيده عليه .

وقال قتادة : " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا أيظن هذا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها ، هيهات هيهات ، فأطلع الله نبيّه على ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم احبسوا عليَّ الركب ، فدعاهم فقال لهم : قلتم كذا وكذا ، فقالوا يانبي الله أنما كنا نخوض ونلعب ، وحلفوا على ذلك ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية " .

وقال مجاهد : قال رجل من المنافقين : يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا وما يدريه ما الغيب ، فأنزل الله هذه الآية ، وقال ابن كيسان : نزلت في وديعة بن ثابت وهو الذي قال هذه المقالة ، وقال الضحاك : نزلت في عبد الله بن أبي ورهطه كانوا يقولون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مالا ينبغي ، فإذا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قالوا : إنّما كنا نخوض ونلعب قال الله عز وجل : { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } .