نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

ولما وصفهم بالنفاق ، حققه بعدم مبادرتهم{[36642]} إلى التوبة التي هي فعل المؤمنين ، وباجترائهم على الإنكار مع كون السائل لهم مَنْ بلغ الغاية في الجلال والوقار والكمال فقال : { ولئن سألتهم } أي وأنت من يجب أن يصدقه مسؤوله عما{[36643]} أخرجت السورة مما أظهروا بينهم من الكفر ، وذلك حين قال بعضهم : انظروا إلى هذا الرجل يظن أنه{[36644]} يفتح قصور الشام وحصونها{[36645]} ! هيهات هيهات ! فأعلمه الله فقال : احبسوا عليّ{[36646]} الركب .

فسألهم{[36647]} { ليقولن إنما } أي ما قلنا شيئاً من ذلك ، إنما { كنا نخوض } أي نتحدث{[36648]} على غير نظام { ونلعب } أي بما لا خرج علينا فيه ويحمل عنا ثقل الطريق ، فكأنه قيل : فماذا يقال لهم إذا حلفوا على ذلك على العادة ؟ فقال : { قل } أي لهم تقريراً على استهزائهم متوعداً لهم معرضاً عما اعتذروا إعلاماً بأنه غير أهل لأن يسمع جاعلاً{[36649]} لهم كأنهم{[36650]} معترفون بالاستهزاء حيث جعل المستهزأ به يلي{[36651]} حرف التقرير ، وذلك إنما يستقيم بعد وقوع الاستهزاء وثبوته تكذيباً لهم في قولهم : إنك إذن ، بالمعنى الذي أرادوه ، وبياناً لما في إظهارك لتصديقهم من الرفق بهم { أبالله } أي هو المحيط بصفات الكمال { وآياته } أي التي لا يمكن تبديلها ولا تخفى{[36652]} على ذي بصر ولا بصيرة { ورسوله } أي الذي عظمته من عظمته وهو مجتهد في إصلاحكم وتشريفكم وإعلائكم { كنتم } أي دائماً { تستهزءون* } .


[36642]:في ظ: مبادرته.
[36643]:في ظ: كما.
[36644]:في ظ: أن.
[36645]:من تفسير الطبري، وفي الأصل وظ:حصونه، وزيدت الواو بعده في ظ.
[36646]:في ظ: أن.
[36647]:زيد من ظ.
[36648]:من ظ، وفي الأصل: نتحور ـ كذا.
[36649]:في ظ: عاجلا.
[36650]:في ظ: بأنهم.
[36651]:في ظ: على.
[36652]:من ظ، وفي الأصل: لا يخفى.